بين ترامب وبن سلمان

Loading

بعد 7 سنوات من زيارته لها عام 2018، يعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، ويلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الثامن عشر من نوفمبر الجاري في البيت الأبيض.

ويأتي بن سلمان حاملاً عدداً من المطالب، منها إبرام اتفاقية أمنية مشتركة وصفقة للحصول على مقاتلات شبحية من طراز (F35) والاستفادة من التكنولوجيا الأميركية لتطوير برنامج نووي مدني، كما ذكرت تقارير إعلامية.

وفي المقابل تحاول واشنطن الحفاظ على مصالحها مع المملكة، والاستفادة من الفرص الاستثمارية فيها، واقناع الرياض بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وبذلك، تمثّل الزيارة اختباراً جديداً لـ”طبيعة العلاقة بين البلدين”، والتي بنيت خلال العقود الماضية على معادلة “النفط مقابل الأمن”.

لكن النجاح في هذا الاختبار يتوقّف على مدى قدرة البلدين على قريب وجهات نظرهما بشأن عدد من الملفات المهمة.

اتفاقية أمنية محتملة

تكتسب المساعي السعودية لتوقيع اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة بعداً استراتيجيّا وأهمية كبيرة بعد الهجوم الصاروخي الإسرائيلي الذي استهدف عدداً من قادة حركة “حماس” في الدوحة.

وتسعى السعودية إلى الحصول على التزام أميركي صريح ومكتوب يضمن أمنها القومي ويحفظ استقرارها في ظل التطوّرات العسكرية والأمنية المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي.

ويقول الباحث في الشأن الأميركي فيصل الشمري، في حديث مع “الحرة”، إن “الصيغة الأقرب الآن ليست معاهدة دفاع متبادل على غرار اليابان أو كوريا الجنوبية بل اتفاق تعاون وضمانات أمنية قوية، لا تتطلّب تصديق مجلس الشيوخ”.

“الموقف السعودي تطوّر من طرح معاهدة كاملة خلال عامي2023-2024  إلى نهج أكثر براغماتية في 2025، يركّز على عقد اتفاق ثنائيّ مرن يضمن مصالح المملكة ويُبقي الباب مفتوحاً لمستوى أوسع من الالتزامات مستقبلاً”، يضيف الشمري.

وإلى جانب هذا الهدف، سيحاول ولي العهد السعودي، كما تؤكد تقارير صحفية أميركية، الحصول على “طائرات الـF35.

وفضلاً عن المجالين العسكري والأمني، تسعى السعودية لتعميق الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة والاستفادة من التكنولوجيا الأميركية من أجل تحقيق “رؤية السعودية 2030”.

“السعودية تنظر إلى علاقاتها مع الولايات المتحدة بوصفها تحالفاً تاريخياً يقوم على المصالح المشتركة لا على الأشخاص أو الإدارات”، يؤكد المستشار والباحث في العلاقات الدولي سالم اليامي.

وكانت العلاقات الأميركية – السعودية قد مرّت بمرحلة من الفتور في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن نتيجة خلافات حول ملفات اليمن والطاقة وحقوق الإنسان.

ملف التطبيع

في السابع عشر من أكتوبر الماضي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يتوقّع توسيع اتفاقيات أبراهام، وأبدى أمله في انضمام السعودية إليها، باعتبار أن “الجميع سينضم” فور قيام الرياض بذلك.

لكن وزارة الخارجية السعودية كانت قد شددت، في فبراير الماضي، على أن المملكة لن تقيم علاقات مع إسرائيل من دون إنشاء دولة فلسطينية.

ولسنوات، دفعت الولايات المتحدة باتجاه تطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل، ونجحت في إبرام اتفاقيات أبراهام عام 2020.

لكن واشنطن لم تنجح في إقناع السعودية بالانضمام إلى هذه الاتفاقيات، وجاء “هجوم السابع من أكتوبر 2023” ليوجّه ضربة للمسعى الأميركي.

ويقول الشمري إن “القاعدة السعودية ثابتة: لا تطبيع بلا مسار فلسطيني واضح نحو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ووقف الحرب وفرض قيود فعلية على الاستيطان”، مشيراً إلى أن “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة”، رغم أهميته الإنسانية، لا يغني عن وجود مسار سياسي يشمل الضفة الغربية.

كذلك يؤكد اليامي أن “الحلّ الذي تتطلّع إليه السعودية والمنظومتان العربية والإسلامية هو قيام دولة فلسطينية مستقلة ووقف الاستيطان”

ومن هنا، يعتبر اليامي أن “الرياض تفصل بوضوح بين مسارين. الأول هو تطوير علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة في مجالات الدفاع والأمن والطاقة. أما الثاني فهو مسار السلام العربي – الإسرائيلي، الذي تأمل أن تلعب واشنطن فيه دوراً إيجابياً لإقناع إسرائيل بتسوية عادلة ودائمة تضمن أمن المنطقة واستقرارها”.