![]()
لا يختلف إثنان أن الخدمة المدنية في السودان أصبحت ضعيفة الاداء ومكتنزة بالفساد وذلك بسبب الإعتداءات المستمرة عليها منذ أن تم تسيسها، مما أدى إلى إنهيار الضوابط والإجراءات التي كان معمول بها في السابق عندما ورثها السودانيون من المستعمر وغياب تام لمراجعة الأداء عبر أجهزة التفتيش والتقييم الإداري المعمول بها في كل دول العالم لضبط عمل المؤسسات الحكومية وكانت الخدمة المدنية في احسن حالاتها عندما كان الإلتزام بالتدرج الوظيفي أساس العمل وإسناد المهام ولكن تردت الخدمة المدنية عندما أصبح المسؤل في المؤسسة يفعل مايريد دون أي تقييد بالضوابط الإدارية أو الأخلاقية ولم يعد التدرج الوظيفي الذي كان معياراَ لإسناد المهام في الخدمة المدنية معيارًاً لتولي المناصب أو الحقوق المالية، وأصبحت المحسوبية والولاءات والاهواء الشخصية والمصالح الخاصة هي المعيار الرئيسي لهذا أصبحت الاخطاء سائدة في العمل وضياع المستندات ومعاناة المواطن وإجباره على ترك أعماله والتردد اليومي على المؤسسات لإجراء أبسط المعاملات والوقوف في صفوف طويلة امراض مزمنة في معظم المرافق العامة.
ويتحمل مسؤلية هذا التردي من إستبعد الخبرات العملية الطويلة وإستبعد الكفاءة الإدارية والسمعة الحسنة التي يكتسبها الموظف عبر السنوات من معيار تولي المناصب والمهام، فالسياسة العامة المتبعة حالياً عند التفكير في ترشيح شخص لتولى موقع قيادي أصبح الاساس فيها هو إستبعاد العاملين في الوزارات والمؤسسات من هذه الترشيحات والأساس هو البحث عن شخص خارج الوزارة أو المؤسسة ليتولى أمرها!! وفي هذا ظلم واضح لأصحاب الخبرات الذين تم تجاهلهم وحرمانها من حقوقهم التي يستحقونها وفق التدرج وفي نفس الوقت فيه حرمان للدولة من هذه المعرفة والخبرة المتراكمة التي إكتسبوها.
والتجاوزات التي أشار لها رئيس مجلس السيادة ونائبه في حديثهم في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان اصبحت منتشرة بكثرة والمعروف أن موظفي الخدمة المدنية القدامي لايقومون بمثل هذه التجاوزات ولكن يقوم بها من يتم إستجلابهم من خارج الوزارات ومنحهم المهام ومواقع المسؤلية فهؤلاء يعرفون أن ظهورهم محمية وأنهم مسنودون بواسطة الذي أحضرهم فيمارسون التجاوزات دون خوف من أحد ويعرفون أن بقاءهم في هذه المواقع قصير فهو مرتبط بظرف سياسي معين أو ببقاء المسؤل الذي قام بتعيينهم، لهذا يحاولون إستثمار هذا الوقت القصير لتحقيق اكبر قدر من المكاسب.
ونفهم أن يحدث هذا في ظل تسيس الخدمة المدنية وإسناد الوظائف القيادية بناءً على الولاءات السياسية، ولكن نحن الآن نعيش فترة إنتقالية من المفترض فيها الحياد وأن تترك الوظائف الإدارية لأهلها بحسب التدرج الوظيفي، ولكن مع الاسف لم بحدث هذا وإستمرت نفس السياسات ويتم تجاهل الكوادر الموجودة داخل هذه المؤسسات، التي قضت سنوات في بناء خبراتها ومهاراتها.
تجاهل التدرج الوظيفي والخبرات الموجودة يؤدي إلى فقدان الثقة بين الموظفين والمسؤولين، ويؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية وروح الأداء والالتزام بالعمل. كما يؤدي إلى هدر الموارد البشرية صاحبة الخبرة وإهدار الموارد المالية بسبب تحميل الدولة أعباء إضافية لمقابلة منصرفات المستجلبين من خارج المؤسسات رغم قلة خبرتهم بظروف العمل وكثرة أخطاءهم، وهذا الوضع أدى إلى تفشي الفساد وتردي الخدمات العامة وتراجع الاقتصاد، وعجز الجهات الحكومية عن القيام بمهامها بشكل مقبول للمواطن وتكدس المواطنين في المكاتب وترددهم اليومي عليها ويؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. ويصبح من الصعب تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ينتظرها السودانيون.
بقلم: محمد يوسف محمدmohamedyousif1@yahoo.com
The post اسباب تدهور الإقتصاد والخدمات هو الإعتداء على الخدمة المدنية appeared first on سودانايل.