لماذا إرتفعت قيمة الدولار إلى هذا المستوى؟

Loading

بقلم: محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com
بسم الله الرحمن الرحيم
في خلال إسبوع واحد زاد سعر الدولار حوالي 500 جنيه في السوق السوداء وهذا امر غير مسبوق لم يحدث من قبل فماهو السبب؟
هناك إعتقاد خاطئ أن تقييد الحركة المالية وفرض القوانين الصارمة ووقف التحويلات في التطبيقات يمكن أن يمنع هذا الإنهيار في سعر الجنيه وهذا بالطبع غير صحيح فالأسواق في دول العالم مفتوحة وغير مقيدة ورغم ذلك لا يحدث فيها إنهيار لسعر العملة المحلية بهذا الشكل، فهذه الإنهيارات في سعر صرف الجنيه السوداني المتوالية لا تحدث بسبب التحويلات ولكن تحدث بسبب عدم وجود الإنتاج الكافي الذي يغطي حاجة البلاد من الإستهلاك فالقاعدة الإقتصادية المعروفة هي ضرورة تساوي كفة الإنتاج والإستهلاك وكفة الصادر والوارد لإستقرار سعر الصرف فكل ما كان الصرف الداخلي أكثر من الإنتاج أضطرت الدوله للإستدانة من البنك المركزي ويقوم البنك المركزي بدوره بالإستدانة من أموال المواطنين (دون إعادتها لهم طبعاً) عن طريق ضخ عملات في الأسواق دون تغطية وبالتالي ستفقد العملات المودعة في البنوك والمودعة في الخزن في المنازل ستفقد جميعها قيمتها بالرغم من أنها نفس عدد الأوراق المالية التي أودعها المواطن في البنك أو تركها في خزانته، ولتوضيح ذلك ناخذ مثال بسيط لو وضع شخص مبلغ 10,000 جنيه في البنك او في خزانة منزله وكان وقتها الدولار يعادل 2,500 جنيه فهو كانه وضع 4 دولارات، وعندما قام بسحبها بعد فترة ليشتري بها سلعة سيجد أن الدولار قد أصبح يعادل 3,300 وأن هذا المبلغ البالغ 10,000 جنيه اصبح يعادل 3 دولارات فقط بدلاََ من 4 دولارات وقت إيداعها وسيجد أن السلعة التي كان سعرها 10,000 جنيه قد اصبح 13,200 جنيه فاين ذهب هذا الدولار المفقود؟
هذا الدولار هو الذي إستدانته الحكومة من البنك المركزي لمقابلة الصرف الحكومي وإستدانه البنك من قيمة أوراق العملة.

الحقيقة أن معظم السلع والمواد الخام ومدخلات الإنتاج كلها تستورد من الخارج بالدولار وتظل محتفظة بقيمتها الدولارية وتزداد أسعارها بالعملة المحلية مع زيادة قيمة الدولار وإنخفاض قيمة الجنيه.
وحتى لايحدث هذا التدهور في قيمة الجنيه لابد ان يكون هناك إنتاج محلي وصادرات تعادل ما نحتاجه من منصرفات وسلع مستوردة، ولكن مع الأسف هذا لن يتحقق في ظل الحرب فالحرب تتسبب في وقف الإنتاج الزراعي والصناعي وشح المواد الخام المنتجه محلياً وتتسبب في تعطل خطوط الكهرباء ونهب ماكينات المصانع ونهب الآلات الزراعيه، وتقوم الدوله بإستيراد ما يحتاجه المواطن من منتجات زراعية وصناعية من خارج الوطن بالعملات الأجنبية وبالتالي يحدث طلب كبير لها وتنخفض قيمه الجنيه مقابلها، وهناك نقطة هامة اخرى يجب الانتباه لها وهي ان من يدفع تكاليف الحرب هو المواطن السوداني نفسه فالصواريخ والسيارات والطائرات والدانات وحتى قطع الرصاص والوقود كلها منصرفات إضافية يتحملها المواطن من أمواله في ظل توقف الإنتاج وبالتالي ستستمر قيمة العملة المحلية في الإنخفاض وسيستمر هذا الإنهيار طالما إستمرت الحرب وإستمر الفساد في السلم، فنحن لا نعيش في الجنة حتى نأكل بدون تعب أو عناء ولكنا نعيش في الأرض دار الشقاء والمعاناة حيث الجوع والظمأ والعرى كما قال تبارك وتعالي في كتابه الكريم في وصف الجنة مقارنة بالأرض:

فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119) سورة طه

وهذا يعني ان هذه الدنيا هي دار الشقاء وبها الجوع والظما والحرارة والمعاناة في إنتاج ضروريات حياتنا وطعامنا فاننا لن نجدها سهلة.

The post لماذا إرتفعت قيمة الدولار إلى هذا المستوى؟ appeared first on سودانايل.