لماذا لا يلتزم الزعماء ببروتوكولات الزيارات الخارجية؟

Loading

بقلم: محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com
بسم الله الرحمن الرحيم
الملاحظ أن الساسة السودانيون لديهم شره شديد للغاية للسفر للخارج وهذه الأسفار تقيدها البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية المعمول بها دولياً فالزيارة هنا ليست زيارة شخصية ولكن الزائر هنا يمثل دولة وشعب به عشرات الملايين، وحتى في العرف الإجتماعي البسيط بين الناس في كل أنحاء العالم فإن المعروف هو أن الشخص الإقل مكانة هو الذي يسعى للأعلى مكانة ولهذا لا يغادر الزعماء بلادهم إلا نادراَ مالم يكن ذلك في إطار حدوث أمر طارئي يتطلب جولة خارجية مثل أعمال الوساطة التي تقوم بها الدول أو لأمر ضروري للغاية مثل إعلان التكامل بين الدول، وأما في أمر مناقشة وبحث المستجدات وتبادل الرؤية في المستجدات في منطقتهم فعادة ما يكتفي الزعماء بالإتصالات الهاتفية أو إرسال المبعوثين الشخصيين وذلك لحفظ مكانة وهيبة الزعيم ففي الأسفار الخارجية مخاطر عديدة منها مخاطر التعرض للحوادث والإغتيالات وسوء الإستقبال والمواقف المحرجة التي يمكن أن يتعرض له الزعيم الزائر والمحتمل أن تنتج من أخطاء بروتوكولية مقصودة أو غير مقصودة فهي ستنتقص من هيبة ومكانة الدولة التي يمثلها الزعيم الزائر سواء كان ذلك بالإستقبال الفاتر أو بالإستقبال الأقل درجة مثل أن يستقبل الرئيس الضيف وزير أو حاكم منطقة في المطار بدلاَ من أن يستقبله زعيم الدولة المضيفة!! وهذا فيه نوع من تقليل شأن الدولة الزائرة وحتى هذه الزيارات تخصم من رصيد الدولة الزائرة فهي تضع الدولة المزورة في موضع الدولة الأعلى والأكثر أهمية من الدولة الزائرة وبسبب اهمية الدولة المزورة جعلت الزعماء يسعون لزعيمها لريارته!! ولكل هذه التعقيدات فإن زيارات الزعماء لدول أخرى عادة ما تكون مقيدة ونادرة مثل الأحداث التاريخية النادرة فهي لا تتم إلا مرة كل عقود طويلة ولأمر ضروري حتى وإن كانت الزيارة لإحدى الدول المجاورة فالسيادة ليس فيها مجاملة. وينطبق هذا حتي على القادة الآخرين الأقل درجة من الزعيم الأول مثل الوزراء.
عندما تنظر للحال في السودان مع الأسف لا تجد الإهتمام بهذه النواحي البروتوكولية في السودان لا قبل الثورة ولا بعد الثورة ولو راجعت سجل الزيارات التي قام بها زعماء الدول الأخرى للسودان خلال مدة ربع قرن من الآن ستجد أن الرئيس المصري السابق حسني مبارك لم يزور السودان منذ أكثر من خمسين عاماً وأما الرئيس السيسي فقد زار السودان مرة واحدة فقط بعد توليه السلطة مباشرة وكذلك الرئيس الأثيوبي وحتى سلفاكير زار السودان مرة واحدة فقط وأما زعماء دول الخليج لم يزور أحد منهم السودان منذ أكثر من نصف قرن، وكذلك زعماء الدول الأوروبية والآسيوية فحتى وزراء خارجية هذه الدول لم يزوروا السودان منذ عقود طويلة. وهذا لا ينطبق علي زيارتهم للسودان ولكن هذا حال كل زعماء كل الدول مع الدول الأخرى.
ولكن بالمقابل تجد في آخر سنوات الإنقاذ ورغم الحظر المفروض علي السودان لكن كان الرئيس البشير كثير التحرك في دول الجوار الأفريقي والعربي وربما زار مصر أكثر من عشرة مرات مقابل زيارة واحدة فقط من السيسي وكذلك زار أثيوبيا عدة مرات مقابل زيارة واحدة من الرئيس الأثيوبي آبي أحمد وأما دول الخليج فقد كان الرئيس البشير لايتوقف عن زياراتها بشكل شبه إسبوعي خاصة في عامه الآخير قبل السقوط.
الحال بعد الثورة وسقوط الإنقاذ لم يتغير الأمر كثيراً بل دخل زعماء الأحزاب والسياسيون كطرف إضافي في هذه الزيارات المتكررة للدول مثل زيارة أثيوبيا وجنوب السودان ومصر ودول الخليج خاصة دولة الأمارات فقد كان الجميع يقومون بزيارات إسبوعية لها.

وفي اليومين الماضيين رشحت أنباء عن رغبة رئيس الوزراء الجديد في زيارة جمهورية مصر فهل سيسير كامل إدريس على نفس النهج السابق الذي كان يتبعه السياسيون في السودان؟
كنت أعتقد أن رئيس الوزراء الجديد بحكم عمله السابق في الأمم المتحدة سيكون اكثر تقيداً بالبروتوكولات الخاصة التي تقيد زيارات الزعماء للخارج إلا في حالة الضرورة ووفق برنامج كبير مدروس ومعد مسبقاً للتعاون بين بلد الزعيم الضيف والمضيف تعد له وزارة الخارجية عبر سفارتها في الدولة الأخري يصحب الزعيم طاقم من الوزراء للتباحث مع نظرائهم في الدولة المضيفة لتطبيق برنامج التعاون بين البلدين.
وكنت أعتقد أن كامل إدريس سينكفئ على الداخل لترتيب الداخل قبل التفكير في الخارج فهناك وزارات لم تكتمل ولم يتم تعيين وزراء لها مثل وزارة الخارجية التي ترتب لمثل هذه الزيارات، وكذلك هناك عدد من الولايات إنهارت فيها الخدمات وتحتاج لوقوف المركز معها وترتيب اوضاعها واستعادة الخدمات بها.
وكل هذه أولويات داخلية قبل أي تحرك خارجي.

The post لماذا لا يلتزم الزعماء ببروتوكولات الزيارات الخارجية؟ appeared first on سودانايل.