أهمية التخطيط الإجتماعي والهندسة الإجتماعية بعد الحرب

Loading

بقلم: محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com

بسم الله الرحمن الرحيم
التخطيط الإجتماعي أمر مهم للغاية وهو سبب تقدم الشعوب ونهضتها ودول عظمى مثل أمريكا وروسيا والصين لم تنهض خبط عشواء ولكن وفق تخطيط دقيق.
دولة مثل أمريكا نشأت من العدم فوق حضارة الهنود الحمر وأصبحت أقوى دول العالم نتيجة التخطيط الإجتماعي الدقيق الذي وضعه المهندسون الإجتماعيون المؤسسون أمثال (ألكسندر هاميلتون) وإلتزمت به الحكومات المتعاقبة بعدهم إلتزاماَ صارماً وأصبحت مبادئه فوق الدساتير وكذلك دول مثل الصين واليابان وكوريا تأثرت بمبادئي المهندس الإجتماعي الصيني (كونفوشيوس) وإنتشرت مبادئه الأخلاقية في شعوب شرق آسيا وتمسكت بها الشعوب وأصبحت كالديانة وإستطاعات هذه الشعوب أن تدير الكتلة البشرية الضخمة الموجودة في هذه الدول وتوجهها نحو البناء وأن تنهض وتصبح دول صناعية وعملاق يقود تكنلوجيا العالم ويحقق الإكتفاء ويخطو خطوات ثابتة نحو رفاهية شعوبها.
كذلك دولة مثل اليابان إستطاعت الخروج من كبوة الحرب العالمية والقنابل النووية التي إلغيت على مدنها وأصبحت دولة صناعية عظمى يصنع فيها الأطفال أجهزة الربوتات التي لا تصنعها الدول الأخرى في المصانع.

وطننا السودان يتمتع بموقع إستراتيجي ومساحة كبيرة نسبياً وتنوع ثقافي وعرقي وثروات كثيرة في باطن الأرض وحقول تصلح للزراعة والرعي كل هذا يحتاج لإدارة رشيدة لهذه الثروات مبنية على تخطيط إجتماعي شامل، والتخطيط الإجتماعي لا يعني التخطيط لإدارة البشر فقط ولكن هو أسلوب تنظيمي يهدف الي تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية خلال برنامج زمني محدد وذلك عن طريق حصر إمكانيات المجتمع المادية والبشرية وتعبئة وحشد المكون البشري لتحقيق أهداف المجتمع والتنمية والتطور والرفاهية ويشمل التخطيط المادي والتخطيط البشري للأفراد في حياتهم الخاصة وزراعة مبادئي الجدية والصدق والأمانة وأهمية الوقت والشعور بالإنتماء بداية من الإنتماء للأسرة الصغيرة وحتى الوطن الكبير والعمل على الإخلاص لهذا الإنتماء.

إهمال الدولة للتخطيط الإجتماعي لا يعني أن الدولة ستكون ضحية التخبط في إتخاذ القرارات وغياب الرؤية الكلية فقط ولكن يعني أكثر من ذلك فغياب التخطيط الداخلي يعني أن تكون الدولة والمجتمع ضحية سهلة للمؤامرات الخارجية التي تخطط للإستيلاء على ثروات الدولة والطمع في إحتلال أراضي الدولة، وغياب التخطيط الداخلي يتسبب في التهميش الجغرافي والبشري ويشعل الحروب الداخلية ويعرض الدولة للتقسيم نتيجة للغبن العرقي والثقافي والجغرافي.
كذلك في حالة غياب التخطيط الإجتماعي الداخلي فإن الأجيال الناشئة ستخضع للتخطيط الخارجي الذي يستهدفها بالمخدرات وضعف الإنتماء الوطني والسلوكيات الضارة مثل العدوانية والمثلية وغيرها فالعالم أصبح أقرب لأطفالك منك فهو معهم طوال الوقت وفي كل مكان ويغرس لهم ما يريد من مفاهيم عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي لهذا لابد من أن تسبقه أنت وتغرس ما تريد من مفاهيم ولا تترك أطفالك لغيرك كي يغرس هو ما يخدم أهدافه ومصالحه وأطماعه.

عندما نتحدث عن التخطيط الإجتماعي نتحدث عن علم شامل يشمل كل النواحي وتدخل فيه كل الوزارات والتخصصات الإقتصادية والتربوية والإجتماعية والعلاقات الخارجية وحتي وزارة الدفاع، ولا نتحدث عن توجه سياسي أو أيدلوجي محدد ولكن نتحدث عن وضع الثوابت والمشتركات التي يلتقي فيها الجميع فعلى سبيل المثال الثوابت الأخلاقية مثل الجدية والصدق والأمانة ومبادئي العلوم البشرية كلها ثوابت يتفق عليها الجميع حتي المجتمعات اللادينية لهذا يمكن وضعها كثوابت ثربوية وكذلك أساسيات التنمية الضرورية والأمكانيات والموارد الطبيعية المتاحة أيضاً ثوابت يتفق عليها الجميع بإختلاف ألوانهم وأطيافهم السياسية، لهذا فإن الحديث عن التخطيط الإجتماعي لا يعني إنتماء سياسي محدد بل يعني الإتفاق على ثوابت وطنية يلتزم بها الجميع.

والآن بعد هذه الحرب الشاملة والتي دمرت كل شيء مادي وحتى النسيج الإجتماعي تعرض للتمزيق وسواء إنفصل السودان لدولتين أو ظل كدولة واحدة لابد من الإتجاه فوراً للتخطيط الإجتماعي الذي يشارك فيه الجميع وضع ثوابت وأولويات الإعمار ولإعادة هندسة المجتمع لمنع تكرار هذه الحرب ولمعالجة الإفرازات الإقتصادية والإجتماعية السالبة التي أفرزتها الحرب والتي حتماً ستعيد تشكيل المجتمع بشكل جديد شئنا أم أبينا لهذا يجب أن يكون هذا التشكيل الجديد مدروساً وتحت السيطرة لمنع تكرار الأخطاء التي تسببت في تعطيل التنمية في دولة غنية بالموارد ولمنع تكرار الأخطاء التي تسببت في الحروب والإنقسام ودمرت الثروة البشرية المتمثلة في الشباب اليافع وجعلته يعاني من مشاكل التعليم والعطالة وعتمة المستقبل وحتى ما يعرف ب (العقد الإجتماعي) الذي يدعو له بعض السياسيين يدخل في إطار التخطيط الإجتماعي ويأتي كأحد نتائج التخطيط الإجتماعي والنظرة الكلية الشاملة لهندسة المجتمع.

The post أهمية التخطيط الإجتماعي والهندسة الإجتماعية بعد الحرب appeared first on سودانايل.