لماذا يتلذذون بتعذيب بعضهم و ينشرون الكراهية؟.. حتى السلطات تفعل ذلك!!

Loading

بقلم محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com

بسم الله الرحمن الرحيم

في العقود الماضية شهدنا عدة حروب في المنطقة منها حرب العراق وسوريا واليمن ومؤخراً عشنا الحرب في السودان والتي تميزت عن غيرها من الحروب بميزات كثيرة وقبل أن نتحدث عن هذه الميزات نذكر القارئي بأننا نردد أننا اذكى الشعوب وأقوى الشعوب وأكرم الشعوب وغيرها من الخصال الحميدة ولكن نجد أن هذه الحرب الأهلية أخرجت أسوأ مافي نفوسنا والتي رفع فيها أبناء الوطن الواحد السلاح في وجه بعضهم وعملوا بكل جد على تدمير وطنهم ونهب ممتلكات أهلهم وسرقة منازل جيرانهم وجعلت الجميع يمارس الكراهية تجاه الآخرين بعنف دون رحمة!!

عندما تشاهد مقاطع الفديو المنتشرة لتعذيب الأسرى والتنكيل بهم تتألم بشدة وتتعجب كيف يفعل السوداني بأخيه السوداني هذا؟ وما الذي فعله هذا السوداني بأخيه السوداني حتى يحمل له الآخر كل هذا الحقد والكراهية؟
لماذا نرسل للعالم مقاطع فديوا يذل فيها السوداني مثل الحيوان ويقول (بااااع)؟
لماذا ملأت الوسائط فديوهات السوداني وهو يذل ويهان؟؟ ألسنا جميعنا سودانيون؟ هذا الفعل يُحَقُر السوداني أمام العالم وهذه الصور والمقاطع لن تحقق النصر ولكن تنشر الحقد والكراهية وتأجج الحرب داخلياً وستجعل صورة الإنسان السوداني مرتبطة بالذل والهوان في الخارج ولا تستغرب إن صادفك أي شخص أجنبي وقال لك: (قول بااااع).. عندها لا تلومه ولكن لم نفسك وبالفعل شاهدنا مقاطع حرب القرود التي تصدر من دولة مجاورة.
ألسنا مسلمين؟ ألم يأمرنا الإسلام بإكرام الأسرى وحسن معاملتهم؟ فكيف الحال بأسرى الدين الواحد والوطن الواحد؟
النصر لا يكون بالقوة ولكن النصر من عند الله والله لاينصر من يعصيه ولكن الله ينصر من ينصره.

إنتشرت الكراهية والتحريض بشكل مخيف للغاية حتى وسط القبائل العربية في الشمال والوسط وأصبحت تتراشق بالشتائم القبلية في الوسائط.. الكل يريد الإنتقام من الكل لا أحد يدرك حجم المخاطر المحيطة بنا في كل المجالات والعملة الوطنية تمضي في إنهيار مستمر واللصوص والمجرمين إنتشروا في كل مكان يمارسون النهب والقتل ونحن مشغولون بالشتائم والتحريض ضد بعضنا هنا وهناك.

تغييب كامل للعقول وضعف في الوعي بشكل مخيف لا أحد يحمل هم المستقبل وما ستقود إليه هذه الشحنات من الكراهية في ظرف الحرب الأهلية المشتعلة وإننشار السلاح في كل مكان.

وأغرب الغرائب أن السلطات نفسها تمارس الكراهية تجاه المواطن وذلك بدلاً من أن تمد له يد العون وتقدم له التعويض!! وبعد أن كان المسؤلون الحكوميون هم أول الفارين من المدن وتركوا المواطن ليواجه القتل والنهب وإنعدام الخدمات الآن يطالبون المواطن بالعودة لمدن إنعدم فيها الأمن ولاتوجد فيها أبسط الخدمات ويتوعدون الموظفين بالفصل وقد عجزوا عن سداد رواتبهم التي فقدت قيمتها وأصبحت لاتكفي ليوم واحد في الشهر وبدلاً من التعويض والدعم الذي وعدوا به المواطن من الغرامات التي ستفرضها الحكومة على دولة الأمارات، بدلاً من ذلك فرضت الحكومة رسوم مليارية على التجار و تتوعدهم بسحب الرخص وفسخ العقودات إذا لم يحضروا لفتح محلاتهم وسداد الرسوم!! يحدث هذا بعد أن تعرض التجار لنهب بضائعهم وفقدوا رؤس أموالهم وتوقفت الحياة وفقد الجميع مصادر دخلهم وأثاث منازلهم وفي إطار ممارسة الكراهية تجاه المواطن قامت السلطات بهدم منازل الطين ورواكيب الخيش التي يسكنها الفقراء بحجة العشوائية دون توفير بديل وقامت شركة الكهرباء التي عجزت عن توفير الكهرباء بقطع التوصيلات ومطالبة المواطنين بغرامات ومتأخرات عن فترة الحرب التي كانت كل الخدمات متوقفة فيها ولا توجد كهرباء ولا مياه، أليس كل هذا ممارسة للكراهية تجاه المواطن بدلاً من الإعتذار له وتعويضه عن معاناته؟

الحقيقة المرة أن الحكومة لا تملك أموال لإعادة الخدمات ولا تملك رؤية لترتيب الأولويات ولا تعرف مصدر غير الهجوم العنيف على جيوب المواطنين الفارغة اصلاً!!

مع الأسف لاتوجد رؤية مدروسة لإمتصاص آثار الحرب!!
وتوجد رؤية لكيفية تحجيم الحرب منعها من التمدد والإنتشار!!
ولا توجد رؤية لترتيب أولويات الصرف لترشد القدر الضئيل من الموارد المتبقي لمواجهة هذه التحديات!!
ولا توجد رؤية لكيفية إدارة هذه المرحلة الحرجة وإسناد المواطن ودعمه!!

عودة الحياة تتطلب عقول ذكية تعرف ترتيب الأولويات وتعلم أن توفير الخدمات الضرورية هو السبيل لعودة المواطن الطوعية وليس التهديد أو الوعيد بالفصل من العمل وسحب الرخص، وأما الحديث عن سفلتة الشوارع وبناء مدن جديدة وبناء وزرارت جديدة في العاصمة هو إهدار للموارد في وقت فشلت فيه الحكومة في إعادة الخدمات الضرورية في كثير من المدن رغم مرور شهور طويلة علي تحرير المدن وكل هذا يعكس سوء الإدارة الذي يمتطي ظهر المواطن المسحوق أصلاً بالحرب.

The post لماذا يتلذذون بتعذيب بعضهم و ينشرون الكراهية؟.. حتى السلطات تفعل ذلك!! appeared first on سودانايل.