![]()
بقلم: محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com
بسم الله الرحمن الرحيم
يقف الكثيرون حائرون أمام الخطوة القادمة بعد اللقاء الذي تم بين البرهان ومستشار ترامب وإزدادت هذه الحيرة بعد تاكيد البرهان على إستمراره في المعركة حتي النهاية فقد كانوا ينتظرون أن تتدخل القوى الدولية بشكل مباشر وتفرض علي الطرفين إيقاف الحرب وتوقيع إتفاقية سلام عاجل، ولكن لم تقم القوى الدولية بهذه الخطوة فقد سبق وان ذكرنا في مقال سابق نشر قبل أكثر من شهر إن أي إتفاقية لا تمس جذور الصراع بعمق ستكون هشة ولن تصمد طويلاً خاصة وأن المشكلة تعمقت كثيراً والقوى الدولية تعلم هذا جيداً بالإضافة الى انها تعلم أن إستمرار الحرب ربما يقود إلى آنهيارات ودخول اطراف اخرى في الحرب ويصعب على القوى الدولية بعد ذلك السيطرة على الأطراف المختلفة وتحقيق رؤيتها لهذا تعتقد أن الوقت الآن مناسب للتدخل فكل ما قلت الأطراف أصبح من السهل التفاوض معها والسيطرة عليها ولكن لو كثرت الأطراف سيصعب التفاوض معها، وما يهم القوى الدولية في الأساس هو ضمان وجود قيادة موالية لها وليس شيء آخر ومخطئ من يعتقد أن سياسة القوى الدولية مبنية على أفكار أيدلوجية معينة والتحيز لفكر معين دون الآخر وهذا ليس بصحيح فكل مايهم هذه القوى هو الهيمنة فقط والشعور بالتميز وانها تحكم سيطرتها خاصة على الدول الأفريقية حيث الأرض الغنية بالثروات وملتقى الانهار والممرات المائية والمناخ المعتدل والذهب وقلب العالم.
وهناك بعض الأحزاب في السودان يعتقدون أن القوى الدولية يهمها الحكم المدني الديمقراطي وتدعم من يسعون لإقامته في السودان وهذا ليس بصحيح فالحكم الديمقراطي يمكن أن يأتي بقيادات تسعى لتطوير وتنمية بلادها وترفض الخضوع للهيمنة الخارجية لهذا لا تفضل القوى الدولية هذا النوع من الحكومات في هذه البلدان التي تستعمرها عن بعد ولكن تفضل وجود نظام عسكري يحكم داخلياً بقبضة حديدية ويكون عينها ويدها ليس في الدولة فقط ولكن في المنطقة لهذا ستجد معظم الدول الأفريقية تحكمها أنظمة عسكري بقبضة حديدة تهيمن منذ عشرات السنوات على الحكم دون تداول للسلطة ومعظم هذه الأنظمة تدين بالولاء للهيمنة الغربية.
لهذا جلست القوى الدولية وستجلس مع بقية أطراف الصراع في السودان حتى ولو عن بعد للحوار بكل وضوح وتبادل الأفكار والعرض الذي ستطرحه سيكون الدعم الدولي لإقامة نظام هيمنة الرجل الواحد مع واجهة مدنية ضعيفة ومساندته ضد خصومه مقابل الولاء المطلق لهم وإذا قبلت عدة اطراف في السودان بهذا العرض عندها سترجح كفة الطرف الأقوى والأكثر (موثوقية) إستناداً على التركيبة النفسية والقبول العام.
وطبعاً القوى الدولية لا تراهن رهان مطلق على أحد فهي تعمل حساب تغلب الأمزجة والغرور الشخصي الذي يمكن أن يطرأ علي من ستدعمهم لهذا تحتفظ بالطرف الآخر المناوئي ولن تقضى عليه حتي تحقق سياسة العصا والجزرة ولا يفكر أحد في الخروج عن طاعتها.
رغم إستعداد قيادات الأحزاب الايدلوجية للعب هذا الدور والولاء والتعاون مع النظام العالمي لكن القوى الدولية لا تحبز التعامل معهم لأنها لا تثق فيهم بالإضافة إلى أنها لا تفضل التعامل مع حزب أو جماعة وتفضل التعامل مع الأفراد ويمكن بعد ذلك للفرد المهيمن أن يصنع حزب وقوى داخلية مساندة له مثل ما فعلت مايو وأنشأت الإتحاد الإشتراكي وهذه الأجسام المصنوعة بواسطة السلطة لن تحمل أي فكر غير الولاء المطلق وعادة ما تضم أصحاب المصالح والإنتهازيين.
صحيح أن القوى الدولية تفضل الأجسام العلمانية ليس لأسباب دينية ولكن لأسباب سياسية وإجتماعية فالمجموعات العلمانية عادة تكون منفتحة على جميع الأهواء والأديان الأفكار ويمكنها أن تشغل الشعوب وتلهيها بالملزات ولا تفكر في السياسة والتغيير وبهذا تحقق إستقرار طويل للنظام الموالي للقوى الدولية.
وبحسبة صغيرة يستطيع أي شخص توقع المستقبل وفق ماذكرناه في هذا المقال ولا ننسى أن الله غالب على أمره وهو لطيف لما يشاء.
The post على من ستراهن القوى الدولية؟ appeared first on سودانايل.