![]()
صورة أرشيفية: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي في الرياض، السعودية، 13 مايو 2025. تصوير: برايان سنايدر/رويترز.
يزور ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان البيت الأبيض غدا الثلاثاء لإجراء مباحثات مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تهدف إلى تعزيز التعاون القائم منذ عقود في قطاعي النفط والأمن، فضلا عن توسيع العلاقات في التجارة والتكنولوجيا وربما حتى الطاقة النووية.
وستكون هذه أول زيارة لولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة منذ مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في إسطنبول عام 2018، والذي فجر غضبا عالميا. وخلصت الاستخبارات الأميركية إلى أن الأمير محمد بن سلمان وافق على القبض على خاشقجي أو قتله.
ونفى ولي العهد السعودي إصدار الأمر بتنفيذ العملية، لكنه أقر بمسؤوليته بصفته الحاكم الفعلي للمملكة.
اقرأ أيضا: عدا الأمن والسياسة.. ماذا يريد بن سلمان من واشنطن؟
على ماذا يركز جدول أعمال بن سلمان في واشنطن؟
يسعى الأمير محمد إلى الحصول على ضمانات أمنية وسط الاضطرابات التي تشهدها المنطقة ويريد الوصول إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتقدم نحو اتفاق بشأن برنامج نووي مدني.
وفي تعليقات للصحفيين اليوم، أكد ترامب عزمه الموافقة على بيع طائرات مقاتلة أميركية الصنع من طراز أف-35 إلى السعودية، والتي سعت المملكة للحصول عليها منذ فترة طويلة. وقال ترامب “سأقول إننا سنفعل ذلك”.
ومن شأن هذه الصفقة أن تمثل تحولا كبيرا في السياسة، وربما تغير التوازن العسكري في الشرق الأوسط وتختبر مدى التزام الولايات المتحدة الأزلي بالحفاظ على ما تصفه واشنطن “بالتفوق العسكري النوعي” لإسرائيل على جيرانها.
وقال عزيز الغشيان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والمقيم في السعودية، إن هناك “صفحة طويت” بشأن مقتل خاشقجي.
إقرأ أيضا: السلام والتكنولوجيا في زيارة بن سلمان لواشنطن
التركيز على اتفاق دفاعي
هناك ترتيب قائم منذ فترة بعيدة بين الولايات المتحدة والسعودية يقضي بأن تبيع المملكة النفط بأسعار تفضيلية وأن توفر القوة العظمى الأمن في المقابل.
واختلت هذه المعادلة بسبب عدم تحرك واشنطن عندما ضربت إيران منشآت نفطية في المملكة في عام 2019. وعادت المخاوف إلى الظهور في سبتمبر عندما نفذت إسرائيل هجوما على العاصمة القطرية الدوحة قالت إنه استهدف قيادات في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وفي أعقاب ذلك، وقع ترامب اتفاقا دفاعيا مع قطر بموجب أمر تنفيذي. ويعتقد عدد من المحللين والدبلوماسيين والمسؤولين الإقليميين أن السعوديين سيحصلون على شيء مماثل.
وكانت السعودية تسعى إلى إبرام اتفاقية دفاعية يصادق عليها الكونغرس الأميركي في المفاوضات الأحدث، إلا أن واشنطن جعلت ذلك مشروطا بتطبيع المملكة لعلاقاتها مع إسرائيل.
وبدورها ربطت الرياض ذلك بالتزام الحكومة الإسرائيلية، الحكومة اليمينية الأكثر تشددا في تاريخ إسرائيل، وفقا لرويترز، إزاء إقامة دولة فلسطينية. وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأحد معارضته الشديدة لإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين.
ووافق نتنياهو على وقف إطلاق النار الذي توسط فيه ترامب مع حركة حماس في غزة الشهر الماضي بعد حرب استمرت عامين.
وسيكون إصدار ترامب لأمر تنفيذي بشأن الدفاع، مشابه للاتفاق مع قطر، أقل من الاتفاقية الدفاعية الذي يطمح إليها السعوديون. لكن الغشيان قال إنه “سيكون خطوة على الطريق، وجزءا من العملية، وليس نهايتها”.
ولخص دبلوماسي غربي مقيم في الخليج الوضع بالقول “ترامب يريد التطبيع والسعودية تريد اتفاقية دفاعية كاملة، لكن الظروف لا تسمح بذلك. في النهاية، سيحصل الطرفان على الأرجح على أقل مما يريدان. هذه هي الدبلوماسية”.
وقال دينيس روس، وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط لإدارات لكل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ويعمل الآن في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إنه يتوقع صدور أمر تنفيذي يدعو الولايات المتحدة والسعوديين “للتشاور الفوري حول ما يجب القيام به ردا على أي تهديد”. دون إلزام واشنطن بالمسارعة بشكل فعلي للدفاع عن الرياض.
وأضاف “يمكن أن يتراوح النطاق بين تقديم مجموعة من المساعدات المختلفة واستبدال الأسلحة ونشر بطاريات صواريخ دفاعية مثل ثاد أو باتريوت ونشر قوات بحرية مع وحدة من مشاة البحرية، إلى المشاركة الفعلية في القتال بطريقة هجومية وليس دفاعية فقط”.
الصفقات مهمة في ضوء التنافس بالمنطقة
تضغط الرياض كذلك من أجل إبرام صفقات في مجال الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي في إطار خطتها الطموح (رؤية 2030) لتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها مقارنة بمنافسيها في المنطقة.
وسيكون الحصول على موافقة تتعلق بالرقائق الحاسوبية المتطورة أمرا بالغ الأهمية لخطط المملكة لتصبح حلقة مركزية في مجال الذكاء الاصطناعي العالمي والتنافس مع الإمارات التي وقعت في يونيو حزيران صفقة أمريكية بمليارات الدولارات للحصول على رقائق متطورة.
ويتطلع الأمير محمد كذلك لإبرام اتفاق مع واشنطن بشأن تطوير برنامج نووي مدني سعودي، في إطار جهوده لتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن النفط.
ومن شأن مثل هذا الاتفاق أن يتيح إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا النووية الأمريكية والضمانات الأمنية الأمريكية ويساعد السعودية على اللحاق بالإمارات التي لديها برنامجها الخاص، وكذلك بخصمها التقليدي إيران.
لكن التقدم في مثل هذا الاتفاق الأمريكي أمر صعب لأن السعوديين لا يرغبون في الموافقة على شرط أميركي يستبعد تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة الوقود المستنفد، وكلاهما مساران محتملان لصنع قنبلة نووية.
وقال روس إنه يتوقع الإعلان عن اتفاق يتعلق بالطاقة النووية، أو على الأقل بيان حول التقدم المحرز نحو اتفاق.
مقاتلات أف-35
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين إنه يعتزم الموافقة على بيع طائرات مقاتلة أميركية الصنع من طراز أف-35 إلى السعودية، وذلك قبل يوم من استضافته ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لعقد مباحثات دبلوماسية.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي “سأقول إننا سنفعل ذلك… سنبيع الطائرات أف-35“.
ومن شأن إتمام الصفقة أن يمثل تحولا كبيرا في السياسة، وهو التحول الذي ربما يغير توازن القوى العسكرية في الشرق الأوسط ويختبر مفهوم واشنطن لمبدأ الحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” لإسرائيل.
وطلبت السعودية شراء ما يصل إلى 48 طائرة مقاتلة من طراز أف-35 في صفقة محتملة بمليارات الدولارات. وذكرت رويترز في وقت سابق من هذا الشهر أن الصفقة تخطت عقبة أساسية في وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) قبل زيارة الأمير محمد بن سلمان.
ومنذ وقت طويل تُبدي السعودية اهتماما بالطائرة المقاتلة التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض لرويترز قبل أن يتحدث ترامب إن الرئيس “يريد أن يتحدث مع ولي العهد بشأن الطائرات، وبعدها سنتخذ قرارنا”.