![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
الأصل في ممارسة السياسة هو طرح حلول لمشاكل الدولة وطرح خطط لتطوير الدولة والتروج لهذا عن طريق عقد المؤتمرات الجماهيرية واللقاءات العامة والمقالات في الوسائط لشرح البرنامج السياسي واهدافه وكيفية تطبيقه و بهذا النشاط الإعلامي السياسي يتنور العوام او مايعرف بالقواعد بالبرنامج السياسي للتطوير وحل المشاكل ومن خلال رغبة العوام في حياة رغدة كريمة وتطوير بلادهم وإعمارها وحل مشاكلها تدفعهم هذه الرغبة للإستجابة للجهة السياسية التي تطرح أفضل حلول للمشاكل وأفضل برنامج للتنمية ويقومون بتأييد هذه الجهة السياسية وينتمون لها ويمنحونها أصواتهم في الإنتخابات من أجل تنصيب قياداتها وزراء وقادة لتطبيق الحلول و برنامج التنمية التي وعدوهم بها، وطبعاً تختلف الرؤية والقناعات من شخص لآخر لهذا تتعدد الإنتماءات السياسية وتتنوع وسط العوام والقواعد حتى داخل البيت الواحد إستناداً على خيارات الشخص الخاصة بعيداَ عن الجهوية الجغرافية أو القبلية وهذه هي الصورة المثلى للممارسة السياسية في كل العالم والتي تقود لما يعرف بالديمقراطية وفوز من يختارهم غالبية الشعب وينفذون برنامجهم في الحلول للمشكلات وبرنامجهم في التنمية ويتحول المخالفين لرأيهم وبرامجهم لمراقبين يتابعون مدى جدية تنفيذ البرنامج المطروح ومدى الإلتزام به من قبل المسؤلين الذين طرحوه ويتابعون أيضاً آثار البرنامج المطروح على الدولة والمواطن وينتقدون سليياتها، وهذه هي الصورة المثلى للممارسة السياسية لمايسمى بالمعارضة في كل العالم وهذه الاشكال من الممارسة هي التي تقود لما يعرف بالحرية والديمقراطية وتحافظ عليها وعلى حقوق المواطنين وتقود البلاد للتنمية والإعمار.
ولكن عندما تنظر للسياسيين والأحزاب السياسية في السوذان تجد أنها تميل للعنف دائماً ولا تميل للممارسة السياسية الديمقراطية المعروفة ويفضلون الوصول للسلطة بالقوة عن طريق الإنقلابات العسكرية التي يقودها عساكر لهم إنتماء سياسي محدد أو عن طريق تحالف السياسيين مع قادة الإنقلابات الطامعين في السلطة وليس لهم إنتماء محدد.
وحتى في مرحلة الدعاية السياسية قبل وبعد الوصول للسلطة لا تجد ان الأجسام والاحزاب السياسية في السودان تهتم بطرح برامج ورؤية تنموية لتطبيقها وتملكها للعوام ليساندوها بالتأييد في تطبيقها ولكن تجد أن هذه الأجسام والاحزاب السياسية تهتم فقط بشيطنة الخصوم السياسيين في عقول العوام بكل السبل دون أن تهتم هذه الأحزاب بطرح رؤيتها البديلة لهؤلاء الخصوم. وتجد انهم يقودون قواعدهم ويتحصلون على التاييد الأعمى منهم عن طريق إستثارة الغرائز العدوانية ومخاطبة الروح الشريرة لدى هذه القواعد وتوليد الرغبة العمياء (أكرر العمياء) في تدمير الآخرين فقط دون حساب لعواقب هذا التدمير حتى وإن كان تحت بند (عليا وعلى أعدائي) وحتى إن كان يقود لتدمير الوطن والمواطن!! وذلك بدلاً من إستثارة الروح الوطنية والرغبة في البناء والتنمية، لهذا تجد التدمير والخراب وسقوط القتلى في أي تظاهرات سياسية كما كان يحدث دائماً لأي حراك سياسي في الشارع السوداني.
وعندما تعود بالزاكرة أيام تحالف (قحت) مع العسكر وحكومة حمدوك تجد أنهم كانوا لايملكون أي برنامج سياسي قبل إسقاط الإنقاذ غير (تسقط بس) وحتي بعد الوصول للسلطة عندما سُؤل حمدوك عن برنامجه في أحدى المرات قال إنه لايملك برنامج لأن (قحت) لم تقدم له أي برنامج!! وكان حمدوك يطلق شعارات عامة مثل قصة الضوء في آخر النفق لكن لا توجد أي برامج عملية لعمل أي وزارة وكان برنامج (قحت) الوحيد هو شيطنة خصومهم (الفلول) وفصلهم من العمل ومصادرة ممتلكاتهم وتلفيق قضايا الفساد لهم وشيطنتهم في عقول العوام. وتمكين (القحطيين) من مفاصل الدولة.
وكمثال آخر تجد أن الدعم السريع جند أفراده بالغريزة العدوانية وبخطاب المظلومية القبلية والجغرافية وليس بشعارات الدفاع عن الديمقراطية والمساواة التي يقولها؛ لهذا مارس جنوده التخريب التآم بشكل إنتقامي للمدن والتدمير والقتل للمواطنين العزل ونهب وإستباحة ممتلكاتهم، وذلك كله تحت تأثير الخطاب العدواني الذي تم تجنيدهم به.
الخلاصة هي أن السياسة في السودان تمارس بالعنف فقط ويتم قيادة القواعد الشعبية عن طريق شحنها بالإنفعالات العدوانية وتغييب الوعي العام عن رؤية أي مخاطر أو أخطاء تحدث أمام اعينهم وذلك عن طريق الشعارات العدوانية فقط مثل (تسقط بس) و (بل بس) دون التفكير في مخاطر السقوط والبل ومحاذيرها وعقد الموازنات بكل عقلانية لبحث كيفية تحقيق الأهداف المرجوة بتحقيق اكبر قدر من المكاسب وتجنيبها أي مخاطر محتملة.
والحل يكمن في تصحيح مسار الممارسة السياسية لدى السياسيين والعوام بنشر ثقافة الديمقراطية والوعي بكيفية وماهي السياسة ويأتي هذا المقال في هذا السياق لتحقيق هذا الهدف.
بقلم: محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com
The post ممارسة السياسة في السودان تتم بالعقلية الإقصائية وقيادة العوام بالغرائز العدوانية التدميرية appeared first on سودانايل.