بين العراق وأرض عطشى

بين العراق وأرض عطشى

Loading

مرحباً بكم من جديد،

يذهب العراق، جار إيران، إلى صناديق الاقتراع، فيما تجفّ السدود خارج طهران، وترتفع أسعار الخبز، وقد تجد نفسك قريباً في مرمى صواريخ إيرانية من دون أن تعرف لماذا. بالإضافة إلى ذلك، هناك حفلات هالوين (عيد القديسين) على الطريقة الإيرانية. ونختتم هذا العدد بفقرة جديدة بعنوان “4×4”: تضم أربعا من أبرز القصص التي رصدتها هذا الأسبوع في وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية.

أرسلوا الملاحظات والاقتراحات والأسئلة إلى البريد: ailves@mbn-news.com.  وإذا وصلتك هذه النشرة من صديق، يمكنك الاشتراك مباشرة. اقرأ النسخة الإنكليزية هنا.

الجوار الإيراني القريب

حبر أرجواني وعين سوداء؟

إذا كانت صورتك الذهنية عن الناخبين العراقيين ما زالت تتضمن أصابع مغطاة بالحبر البنفسجي بعد التصويت، يمكنك نسيانها. فانتخابات الثلاثاء المقبلة ستكون الأولى منذ عام 2005 التي تستخدم نظام التعرّف على الوجه ووسائل تحقق إلكترونية أخرى.

الانتخابات البرلمانية السادسة في عراق ما بعد صدام قد تمثل نقطة تحوّل، ليس فقط لصناعة الحبر الأرجواني، بل أيضاً لنفوذ إيران في البلاد، والذي يبدو أنه سيتراجع.

المؤشرات ليست في صالح طهران. فقد امتنعت الميليشيات المدعومة من إيران عن التدخّل في حرب الأيام الاثني عشر عام 2025 بين إسرائيل والولايات المتحدة وإيران، ما يشير إلى تزايد استقلاليتها. كما أن اعتماد العراق على إيران اقتصادياً تراجع، إذ انخفضت صادرات الغاز الإيراني إلى العراق بنسبة 40٪ بين أبريل وأغسطس 2025 بفعل العقوبات الأميركية المتزايدة ومساعي بغداد لتنويع مصادر الطاقة.

الهدف الإيراني الآن هو الحفاظ على نفوذها داخل الإطار التنسيقي الشيعي (CF)، الذي يضم ثلاثة أقطاب:

· نوري المالكي: رئيس الوزراء الأسبق، يمثل الحرس القديم وله روابط عميقة مع طهران.

· هادي العامري: يمثل الجناح العسكري ويُعدّ أقرب وكلاء إيران داخل التحالف.

· محمد شياع السوداني: رئيس الوزراء الحالي، تكنوقراطي يسعى للتوفيق بين الفصائل، مقبول من طهران ويركز على تماسك الائتلاف.

يتنافس الثلاثة على النفوذ وسط مقاطعة انتخابية يقودها مقتدى الصدر، ما قد يقلّل الإقبال ويزيد حظوظ الإطار التنسيقي، لكنه يثير تساؤلات حول شرعية النتائج. الصدر، الذي كان مؤثراً في انتخابات 2021، فقد الآن كل مقاعده البرلمانية.

إيران تريد ضمان دورها في تشكيل الحكومة المقبلة. ورغم أن القوى الشيعية شبه العسكرية باتت أكثر استقلالاً، فإنها لا تزال تحتاج إلى التمويل الحكومي والحماية القانونية والمشاركة في تشكيل مجلس الوزراء. اقتصادياً، تسعى طهران لتفادي العقوبات والحفاظ على تدفق التجارة والطاقة عبر الحدود.

يتماشى حديث السوداني عن انسحاب أميركي تدريجي مع مصالح إيران. لكن التهديد الأكبر لطهران هو خسارة الإطار التنسيقي لقدرة «الفيتو» التي تمكّنه من تعطيل أي قرارات لا تروق له. التوقعات تشير إلى تراجع عدد مقاعده، ما سيجعل طهران في موقع دفاعي. الاحتمال الأرجح هو برلمان مجزّأ ومفاوضات ائتلافية طويلة، مع بقاء حلفاء إيران «صانعي ملوك» بدلاً من أصحاب اليد العليا.

الخلاصة: طهران تجد نفسها في موقع دفاعي وتسعى للحفاظ على العراق ضمن دائرة نفوذها، لا لتوسيع السيطرة. لكن خطر الانقسام بين حلفائها يزداد مع تنامي رفض العراقيين لأي نفوذ خارجي.

ما الذي تريده واشنطن؟
كما جاء في تحليل لمجلس الأطلسي هذا الأسبوع:

“إدارة ترامب تتوقع من الحكومة العراقية الجديدة الحفاظ على حوار استراتيجي بنّاء مع واشنطن حول القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية مهما كانت الصعوبات التي تواجهه باعتباره أفضل وسيلة لحماية المصالح الأميركية في العراق والمنطقة.”

العطش في طهران

بين العراق وأرض عطشى

إذا كنت تفكر في التنزّه شمالي طهران، فالموقع الالكتروني “المشي في إيران” كان يوصي بزيارة سد أمير كبير لما يتمتع به من مناظر خلابة. لكنه لم يعد كذلك الآن، فالسد أصبح أشبه ببركة صغيرة هذه الأيام. إذ لا تتجاوز نسبة امتلائه 8٪ فقط، ما يهدد أكثر من عشرة ملايين من سكان العاصمة بالعطش القريب.

وباتت وسائل الإعلام الإيرانية تتحدث عن “اليوم صفر” الذي قد ينقطع فيه تدفق المياه:

“انقطاع مياه الشرب الحضرية وفرض تقنين قاسٍ؛ المياه لن تتوفر سوى لساعات محدودة يومياً أو أسبوعياً؛ توقف الاستحمام والغسيل والزراعة؛ إغلاق المدارس والمصانع؛ وطوابير طويلة للمياه المعبأة.”

عوامل نادرة اجتمعت لتترك السد شبه فارغ: ست سنوات متتالية من الجفاف غير المسبوق، انعدام الأمطار تقريباً هذا العام، الإفراط في استجرار المياه، وسوء التخطيط المزمن.
السلطات دعت السكان لتقليل استهلاك المياه، لكن الأزمة تتحول إلى صداع سياسي قد يثير احتجاجات وتبادل اتهامات بين كبار المسؤولين، وربما يمنح الإصلاحيين فرصة للظهور مجدداً.

موجز

ارتفعت الأسعار بنسبة 48.6٪ خلال عام، وفقاً للإحصاءات الرسمية. زادت أسعار البطاطا 82٪، والخبز والحبوب 98٪، والفاصوليا 255٪، حتى بات نحو 70٪ من الحد الأدنى للأجور يُنفق على السلة الغذائية الأساسية.

عنونت إحدى الصحف: “فقر الغذاء أصبح رسمياً: الخبز والبطاطا – النظام الغذائي الجديد للشعب!”

وأشارت تقارير إلى انخفاض استهلاك البروتين ومنتجات الألبان واللحوم والفواكه والخضار، وارتفاع الوفيات المرتبطة بسوء التغذية. الحكومة تلقي اللوم على العقوبات والجفاف، لكن الاقتصاديين يرون السبب في سوء الإدارة وغياب الشفافية وهيمنة الكيانات شبه الحكومية.

مع ارتفاع الأسعار، تواجه حكومة مسعود پزشكيان وكتلته البرلمانية انتقادات متزايدة في ملفات الأمن الغذائي ومكافحة الفقر.

ألعاب الصواريخ

في عام 2017 فرض المرشد الأعلى علي خامنئي قيوداً ذاتية على مدى الصواريخ الإيرانية بألا يتجاوز 2000 كلم. لكنه أعلن مؤخراً رفع هذا السقف.

وبحسب تقرير لشبكة الحرة، تخطط طهران الآن لتطوير صواريخ قادرة على ضرب أهداف داخل أوروبا، إذ يُتوقع أن تصل بعض النماذج مثل “قدر” و”خرمشهر – خيبر” إلى مدى 4000 كلم، وربما 5000 كلم في الإصدارات المستقبلية، ما يضع برلين وروما، وربما لندن وباريس، في مرماها.

تقول المعارضة إن الهدف هو الضغط على أوروبا لتخفيف العقوبات، وليس إشعال مواجهة مباشرة. لكن توسع الترسانة – من صواريخ “عماد” و”سجيل” و”عاشوراء” و”شهاب” إلى الطائرات المسيّرة المتقدمة – يمثل قفزة كبيرة في قدرات إيران العسكرية.

أربع في أربع (4×4):

01- يوم مكافحة “الاستكبار العالمي”

تحتفل إيران سنوياً مطلع نوفمبر بـ”اليوم الوطني لمكافحة الاستكبار العالمي”، وهو ذكرى اقتحام السفارة الأميركية عام 1979. صحيفة اعتماد الإصلاحية نقلت عن رئيس البرلمان قاليباف قوله:

“اليوم لم يعودوا يتآمرون من داخل السفارات، بل من خلال الإعلام والفضاء السيبراني، ويحاولون إقناع شبابنا بأن التقدّم لا يتحقق إلا تحت هيمنة الغرب.”

02- يوم مكافحة “الاستكبار العالمي”

تحتفل إيران سنوياً مطلع نوفمبر بـ”اليوم الوطني لمكافحة الاستكبار العالمي”، وهو ذكرى اقتحام السفارة الأميركية عام 1979. صحيفة اعتماد الإصلاحية نقلت عن رئيس البرلمان قاليباف قوله:

“اليوم لم يعودوا يتآمرون من داخل السفارات، بل من خلال الإعلام والفضاء السيبراني، ويحاولون إقناع شبابنا بأن التقدّم لا يتحقق إلا تحت هيمنة الغرب.”

03- صلاحيات حدودية جديدة

صحيفة دنياي اقتصاد تحدثت عن اجتماع ترأسه الرئيس مسعود پزشكيان لبحث تمكين المحافظات الحدودية الست عشرة من توسيع دورها في التجارة عبر الحدود، وتذليل العقبات الإدارية، وتعزيز التعاون الإقليمي.

04- “ولا يهمك”

الصحيفة الإصلاحية شرق ذكرت أن السياسي الإصلاحي البارز مصطفى تاج زاده، المسجون منذ 2022، أُفرج عنه مؤقتاً لحضور جنازة شقيقه ثم أُعيد اعتقاله ومنع من الحضور.

متفرقات

القلم أبلغ من السيف

تحتضن طهران حالياً حملة “نغمات الحبر”، التي حولت العاصمة إلى معرض مفتوح للخط الفارسي عبر 180 لوحة فنية على الجسور والطرق، بمشاركة خمسين خطاطاً إيرانياً بارزاً. الهدف: إعادة ربط السكان بالإرث الفني الإيراني وجماليات الشعر الكلاسيكي والخط.

هالوين على الطريقة الإيرانية

رغم حظر الاحتفال به باعتباره “غزواً ثقافياً غربياً”، شهدت طهران ومدن أخرى حفلات خاصة واحتفالات سرية، فيما غصّت وسائل التواصل بصور المشاركين بملابس تنكرية على أنغام Thriller لمايكل جاكسون.