لجنة إعمار الخرطوم تعكس حجم الخلل الإداري الذي نعيشه

Loading

بسم الله الرحمن الرحيم
عندنا نتحدث عن والي الخرطوم لا نتحدث عنه كفرد ولكن نتحدث عن جهاز إداري كبير يمتلك مكاتب إدارية منشرة جغرافياً في كل ولاية الخرطوم معنية بالخدمات وبها أجهزة فنية يمكنها تقييم الوضع ميدانياَ في كل الأحياء وتحديد الإحتياجات ورفعها للوالي ثم متابعة تنفيذ ما يتم من أعمال صيانة وإعمار، والتعامل عبر هذا الجسم فيه تمكين دائم للولاية و للوحدات الإدارية من القيام بمهامها في الخدمات وفرض هيبة اجهزة الدولة الذي يتحدثون عنه، وتهميش هذه الأجهزة يؤدي لإصعاف هذه الأجهزة وإضعاف هيبة الدولة بشكل دائم فهذه الوحدات موجودة في أماكنها بشكل دائم لن تاتي في زيارة خاطفة للخرطوم وتغادر.
وهذا الحديث ينطبق علي الوزارات التابعة لولاية الخرطوم إذا مكنت من عملها ومسؤلياتها يمكنها تقييم الموقف ميدانياً وتحديد الإحتياجات ورفعها للولاية وللوزارات الأم ثم متابعة الإعمار.
قرار تكوين لجنة إعمار الخرطوم يعكس غياب التنسيق بين أجهزة الدولة هذه في إدارة الشأن العام. وتعميق التداخلات الإدارية والتجاوزات.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم يجتمع رئيس الوزراء بوالي الخرطوم قبل صدور قرار تكوين اللجنة لتقييم موقف حكومة الخرطوم وتوفير ما تحتاجه من أموال وإمكانيات؟ وهل قصر والي الخرطوم في القيام بدوره في إعمار الخرطوم؟
وهل قصر رئيس الوزراء في في القيام بدوره في متابعة الإعمار حتى يتم التدخل في صلاحياته بهذه اللجنة؟ وهل إجتمع رئيس مجلس السيادة برئيس الوزراء ووالي الخرطوم ليستمع إليهم ويعرف خطتهم في إعمار الخرطوم ثم تقييم عملهما قبل تكوين اللجنة؟
الحقيقة المرة أننا في السودان لا نجلس مع بعض لعقد إجتماعات لنستمع لبعض ونتبادل الأفكار فنحن نفتخر بأننا لا نحب (الكلام الكتير)، ونميل لاتخاذ القرارات بالحماس والانطباعات، دون دراسة أو إستماع أو وضع خطة وتحديد اولويات. والمعروف أن التخطيط يقلل المنصرفات ويسرع العمل وما تنجزه بالتخطيط يفوق ما تنجزه بدون تخطيط.
كل الخدمات التي يحتاجها المواطن للعودة من مياه وصحة وامن ومرافق عامة وأسواق كلها مرتبطة بالكهرباء.
ومن الواضح أن هناك تعثر كبير يعيشه السودان في مجال الكهرباء فمنذ شهور ولا زال الانقطاع الشامل والأعطال الكبيرة مستمراً ولا يكاد يمر يوم إلا ويحدث عطل في إحدى المحطات يؤدي الى إظلام شامل وحتى لحظة كتابة هذا المقال، تعيش ولاية البحر الأحمر مقر الحكومة وولاية نهر النيل في ظلام شامل لليوم الثاني على التوالي. وذلك مع ملاحظة إنخفاض الاحمال حالياَ بسبب خلو المدن من سكانها وتوقف المصانع والطبيعي أن تكون شبكة الكهرباء في أحسن حالاتها الآن بعد صيانة المحطات التي خلفتها الحرب. ولكن حدث العكس ولم تستطيع الشبكة العمل في هذه الاحمال الخفيفة فكيف سيكون الحال عند زيادة الأحمال مع عودة السكان وعمل المصانع؟
والسؤال الأهم لماذا لا يكون إهتمام الحكومة الإتحادية بتلمس مشاكل جميع الولايات وكيفية إعادة إعمارها وليس ولاية الخرطوم فقط؟
الأسئلة التي تفرض نفسها كثيرة لا يتسع لها المقال وهذا العجز والتقصير في مرافق الدولة وتداخل الاختصاصات وكثرة اللجان والأجهزة الموازية التي أشار إليها رئيس الوزراء في خطابه الأول، كل هذا يكشف الخلل الإداري وسوء التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة وفقد السيطرة علي العمل العام ليعمل كجسم واحد.
كنا بحاجة للجنة عليا لدراسة أسباب هذا الخلل الإداري والمشاكل التي تفشت في الجهاز الإداري للدولة والبحث عن كيفية معالجتها بدلاً من المساهمة في زيادتها بهذه اللجنة.

mohamedyousif1@yahoo.com
بقلم: محمد يوسف محمد

The post لجنة إعمار الخرطوم تعكس حجم الخلل الإداري الذي نعيشه appeared first on سودانايل.