يخلقون المعاناة ويحرمون المواطن من أبسط حقوقه كي يظهرون أبطال مخلصين

Loading

بقلم: محمد يوسف محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل يومين نشرت مقال عن أنواع العسكر والأحزاب ورويتهم للحكم وذكرت فيه أن الأحزاب الأيدلوجية يمينية ويسارية لا تؤمن بالديمقراطية ولكن تفضل التحالف مع الحكم العسكري.
وبالأمس أجرت وكالة رويتر لقاء مع أحد قيادات الأحزاب الأيدلوجية قال فيه القيادى أن الديمقراطية بشكلها المطبق في العالم لا تنفع في السودان وهم يرون أن يستمر الحكم بيد العسكر والعسكر هم من يختارون المدنيين سواء بالتعيين أو بالإنتخابات (الصورية طبعاً).
أقوال القيادي هذا تؤكد ما قلناه تماماً في المقال السابق وتوكد انهم يفضلون الحكم بالتحالف مع العسكر.
التبرير للحكم العسكري والترويج له بحجة أن الديمقراطية لا تنفع مع السودان أمر غير مقبول وغير منطقي!! وعندما تسأل الذين يرفضون الديمقراطية عن سبب اقوالهم هذه يقولون لك: أن المجتمع لم ينضج لممارسة الديمقراطية!! نقول لهم كيف تقولون هذا وأنتم ترددون أن السودان أكثر شعوب الأرض امانة وذكاء؟
ماذا تحتاج الديمقراطية لممارستها؟ تحتاج لأمانة مع النفس يمارسها السياسي والناخب تعترف بحقوق الآخرين شركاء الوطن في الحكم وأمانة مع النفس تقدم المصلحة العامة على المصالح الشخصية.
وأيضاً تحتاج لقدر بسيط من الوعي (ولا نقول الذكاء الخارق) وذلك حتى يستطيع المرشح السياسي قراءة ماحوله ووضع برنامج للتنمية وكذلك قدر بسيط من الوعي لدى المواطن لفهم البرنامج الذي يقدمه المرشحون السياسيون ثم يختار المواطن الأصلح منهم عبر صناديق الإنتخابات.. إذن الديمقراطية لا تحتاج لمواطن لديه سبعة أرجل وعشرة أيدي حتى تصلح للحكم وتحتاج لأمانة في الممارسة ووعي عند الإختيار وبحسب الإعتقاد السائد لدى العوام فنحن شعب لاتنقصه الامانة والوعي (وأذكى مننا الله ما خلق حتى الآن) فكيف لا تصلح الديمقراطية وسط أذكى الشعوب واكثرها أمانة؟
لماذا يفرض السياسيون وصاية على المواطن ويدعون لإنتقاص حقوقه في حياة كريمة في كل نواحي الحياة دون معاناة؟ لماذا يحرمون المواطن من حقه في إختيار من يحكمه ويصرون علي فرض الوصاية عليه ويقررون نيابة عنه في شؤن وطنه ويتسببون في الفقر والحرب والدمار بوصايتهم هذه ثم يفرون للعيش في الخارج ويتركون المواطن البسيط يواجه الجوع والتدهور الإقتصادي والرصاص والنهب والدمار؟
لماذا يصر القادة علي أن يعيش المواطن السوداني في أغنى بقاع الأرض ولكن يحرم من الإستفادة منها ويبددن ثرواتها؟ لماذا يعيش المواطن سوء الإدارة والمحسبوية والصفوف الطويلة في أبسط المعاملات في عصر أتجه فيه العالم لتقديم الخدمات عن بعد (أون لاين) حتى بدون حضور لمكاتب الخدمات ناهيك عن الحضور و الوقوف في الصفوف؟
لماذا يجبر المواطن علي الوقوف في صفوف أمام البنوك ليتقدم او ينشط خدمات والبنك يرفع شعار (أون لاين)؟ حتى المستشفيات يقف المرضى في صفوف!!
الإجابة هي إن المسؤل لابد أن يصنع المعاناة ويقف المواطنون في صفوف أمام مكتبه يتصببون عرقاً حتى يخلق لنفسه هالة من العظمة ويشعر رؤساءه والعوام بأنه يعمل والدليل هذا الإزدحام!! والصحيح أن تتم إقالة أي مسؤل خدمة مدنية أو مدير بنك يوجد تكدس للمواطنين في مكاتبه فوراً فهذا التكدس دليل على الفشل الإداري.
وفي هذا السياق نفهم لماذا يعاني المواطن السوداني من إنعدام الكهرباء في أرض الشمس المشرقة والرياح ومساقط الانهار التي توفير الطاقة المجانية؟ يحدث ذلك حتى بعد إنخفاض الإستهلاك بتوقف المصانع وخلو المدن من السكان، فالمعاناة لابد أن تستمر حتى نعرف أهمية المرفق ويظهر العاملين فيه كأبطال.

mohamedyousif1@yahoo.com

The post يخلقون المعاناة ويحرمون المواطن من أبسط حقوقه كي يظهرون أبطال مخلصين appeared first on سودانايل.