الحوثيون بعد الغماري: هل بدأ مسار التآكل؟

الحوثيون بعد الغماري: هل بدأ مسار التآكل؟

Loading

 أثار إعلان جماعة الحوثيين في اليمن، في 16 أكتوبر، مقتل رئيس هيئة أركان قواتها، محمد عبد الكريم الغماري، تساؤلات حول مدى قدرة الجماعة على التماسك في ظل مؤشرات على بداية انهيارها، وفق مراقبين 

الغماري، الذي يوصف بأنه ثاني أهم شخصية في صفوف الحوثيين، بعد زعيمهم عبد الملك الحوثي، قُتل مع ابنه ومرافقيه في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت صنعاء خلال ما سُمّي بـ”معارك إسناد غزة”.  

 وبينما سارعت الجماعة إلى تعيين اللواء يوسف المداني خلفًا للغماري لطمأنة أنصارها، تتزايد في المقابل مؤشرات تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة. ولم يكن استهداف الغماري معزولا؛ ففي سبتمبر الماضي استهدفت إسرائيل اجتماعا لوزراء حكومة الحوثيين، وقتلت رئيس الحكومة أحمد الرهوي وعددا من الوزراء كانوا في الاجتماع. 

الحوثيون بعد الغماري: هل بدأ مسار التآكل؟
صورة لرئيس أركان الحوثيين محمد الغماري الذي تم اغتياله

الانهيار لن يكون سريعا..

مع ذلك، يستبعد خبراء أن يكون انهيار جماعة الحوثي سريعا على غرار ما حصل مع نظام بشار الأسد في سوريا، فبنية الجماعة تميل إلى التآكل البطيء لا السقوط الخاطف. 

 يستعرض هذا المقال خمسة سيناريوهات محتملة لذلك التآكل، وفق مصادر ميدانية وآراء خبراء وقادة عسكريين، ويشرح منظومة الحوثيين المبنية على شبكة ولاءات قبلية وأمنية واقتصادية، مع الإشارة إلى إفادات بعض من تحدّثنا إليهم بوجود  تستعدّ لها الجماعة. 

طلاب أكاديمية الشرطة يحملون صورة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في صنعاء

السيناريو الأول: فراغ القيادة: غياب عبد الملك الحوثي

يمثّل عبد الملك الحوثي حجر الزاوية في بنية الجماعة ومرجعيتها العليا. تولّى القيادة شابا، وجمع بين رمزية دينية وكاريزما قتالية، وكرّس موقعه عبر محطات مفصلية: حروب صعدة الست (2004–2010)، اجتياح صنعاء (2014)، خوض الحرب الإقليمية ضد التحالف (2015–2022)، ثم الانخراط مؤخرًا في محور إقليمي ضد إسرائيل. في كل مرحلة ظهر بوصفه السيّد الذي تُحاك عنده الخيوط، على نحو يستدعي مقارنات مع موقع القيادة في حزب الله. 

تاريخيا، ارتبطت الجماعة بمؤسّسها حسين الحوثي ووالده بدر الدين، ثم تبنّت منذ 2011 اسم “أنصار الله” لتوسيع القبول خارج القاعدة الجغرافية والعائلية الضيقة. 

 ويُرد لقب الحوثي إلى منطقة حوث في محافظة عمران شمالي صنعاء، ما يضفي على الحركة مزيجا من المرجعية الأسرية والمحلية قبل أن تتحول إلى كيان سياسي عسكري.  

“الجماعة قد تنهار بنسبة 60-70% في حال غياب عبد الملك الحوثي المفاجئ،” يقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات عدنان الجبري في حديث مع “الحرة“، “عبد الملك الحوثي شخص مركزي جدا في الجماعة هو يحمل الحمض النووي لها، والعامل الأساسي في تماسكها… لا يوجد بديل ظاهر له” 

ويضيف الجبري في حال غياب الرأس “ستظهر صراعات على ثلاثة مستويات: داخل أسرة بدر الدين الحوثي، وبين رجال الظلّ في التنظيم الجهادي، وعند قيادات الواجهة” بعبارة أخرى، قد يؤدي غياب عبدالملك إلى تسريع انشقاقات أو تصادم أجنحة متنافسة كانت مكبوتة بفضل “هيبة السيد” وطاعته المطلقة. 

على المستوى التنظيمي، يعتمد الحوثيون حصر القيادة داخل العائلة لتجنب صراعات على السلطة. يقول الجبري أن أسرة بدر الدين الحوثي ترى نفسها الأحق بقيادة المشروع، رغم أن التقليد الزيدي تاريخيا عرف انتقال الإمامة بين عائلات هاشمية مختلفة. لكن الجماعة كرّست نهج التوريث الأسري: من حسين بدر الدين إلى شقيقه عبد الملك، وربما لاحقا إلى أحد أبنائه أو إخوته الأصغر سنا، لضمان ولاء الصف القيادي ومنع بروز رأس منافس قد يشعل انقساما داخليا.  

وفي حال غياب عبد الملك عن الصورة، يُرجَّح تصاعد التنافس بين جناح العائلة و”رجال الظل” الأمنيين والعسكريين. فداخل العائلة يبرز محمد علي الحوثي (المشرف على شبكة المشرفين في المحافظات والرئيس السابق للجنة الثورية العليا)، وعبد الكريم الحوثي (وزير الداخلية ورئيس المكتب التنفيذي للجماعة)، وعبد الخالق الحوثي (قائد قوات الاحتياط وقائد المنطقة العسكرية المركزية)، إلى جانب يحيى الحوثي (وزير التربية والتعليم السابق).  

في المقابل يقف قادة الميدان والأجهزة ومنهم يوسف المداني، المُعيَّن حديثًا خلفًا لمحمد الغماري، بما يعمّق خطوط التنافس على مفاصل القوة. ورغم ذلك، سيَفتقر أي وريثٍ مفترض إلى جاذبية “السيد القائد”، حتى لو انتمى إلى البيت الهاشمي. 

يقول الدكتور أندريا كاربوني، رئيس وحدة التحليل في مشروع بيانات النزاعات المسلحة لـ”الحرة إن تماسك الجماعة يقوم على شبكة متداخلة تحمي الزعيم وتضبط النفوذ، “تظلّ مكوّناتها وفيّة ما دام قويا، لكنها قد تنقلب عليه متى شعرت بضعفه”.  

ويذهب الجبري إلى أن “مقتل عبد الملك يضرّ المشروع برمّته”؛ فغيابه لا يخلّف فراغا قياديا فحسب، بل يكشف شبكة الولاءات الأمنية والقبلية، ويخفض عتبة التماسك الداخلي، ويفتح منافذ لخصوم محليين وإقليميين. عندها يغدو الهدف العسكري الأولي بديهيا، وفقا للجبري: صعدة رمزا ومفتاحا لوجستيا واستخباراتيا يربط القيادة بمراكز النفوذ.  

وبحسب كاربوني، قد تنقلب فروع الاستخبارات ذاتها على القائد إذا بان ضعفه؛ لذا يُقرأ فراغ القيادة لا كنهاية بحد ذاته، بل كمفتاحٍ إن استُغل سريعا وبالتنسيق اللازم، يُطلق ما سمّيناه في السيناريو الثاني الصدمة العسكرية’”.  

محتجون من أنصار الحوثيين خلال تظاهرة مؤيدة لفلسطين غداة الغارات الجوية الإسرائيلية على صنعاء (26 سبتمبر 2025

السيناريو الثاني: صدمة عسكرية عبر جبهات متعددة

رغم أن معظم الخبراء يستبعدون انهيارا حوثيا خاطفا، يبقى أن سيناريو الصدمة العسكرية واقعيا إذا تضافرت ثلاثة شروط: (1) فراغ الرأس أو ضعف قيادي يُخلخل شبكة الولاءات. (2) عملية خاطفة ومركّزة تضرب مركز الثقل الرمزي واللوجستي (صعدة). (3) تنسيق استخباراتي بين قوى يمنية وإقليمية ودولية لفتح جبهات متزامنة. 

لماذا صعدة نقطة الانطلاق؟

يقول العميد ناصر باصميع، وهو قائد عسكري في الجيش اليمني شارك في الحروب الست ضد الحوثيين وتحرير عدن، أن “الضربة المجدية” يجب أن تبدأ بـعملية عسكرية سريعة ومكثفة لإسقاط صعدة قد تؤدي إلى انهيار سريع في خطوط السيطرة داخل محافظات الشمال”.  

يقترن هذا الرأي بتحليل عدنان الجبري الذي يربط تماسك الحوثيين بوجود “رأس قوي” يضغط على المراكز المحلية لفرض الانضباط؛ ومع غياب هذا الرأس تتضاءل قدرة الجماعة على امتصاص صدمة عسكرية مركّزة وتصبح محاورها عرضة للانهيار المتسلسل. 

 لا تعتبر صعدة مجرد معقل تاريخي لجماعة الحوثي؛ إنها مركز قيادة فعلي وملتقى شبكات الاستخبارات والولاءات القبلية، ومُنطلق قواعد الإطلاق للصواريخ والطائرات المسيّرة التكتيكية.  

 لكن المسار الميداني لا يُختصر بصعدة. فبحسب كاربوني، الذي درس الحرب اليمنية لسنوات، فإن نقطة الانكسار الحقيقية تقع على بعد أقل من مئة كيلومتر من العاصمة. “الحدث الميداني الأكثر حسماً سيكون اختراق جبهة مأرب ولا سيما منطقة نِهْم، طوق صنعاء.. إذا سقطت، يصبح الوصول إلى العاصمة أسهل،” يقول.  

وفق رؤية الخبراء الذين تحدثوا مع “الحرة،” تعتبر جبهة نِهْم الخاصرة الرخوة للعاصمة، ومحور المعركة الذي قد يحدد مصير الحرب كلها. وتفترض الحسابات الميدانية، وفق آرائهم، تحريك ثلاثة محاور متزامنة: محور شمالي ينطلق من مأرب نحو نِهْم لكسر الدفاعات الجبلية المحيطة بصنعاء، ومحور جنوبي-شرقي يبدأ من شبوة والبيضاء باتجاه ذمار لعزل المركز عن الجنوب، وأخيرا، محور غربي عبر الساحل والحديدة لقطع الشريان الاقتصادي وشبكات التهريب التي تغذي الجماعة.  

ويرى الجبري أن مرحلة الصدمة يجب أن تتبعها مرحلة تفكيك تدريجية تستهدف مراكز القيادة والسيطرة والاتصالات، مع توفير ممرات آمنة للانشقاق من القبائل التي ترغب في ترك القتال. ويؤكد أن النجاح يتطلب “ضرب مراكز الثقل” لا فتح جبهات مهرجانية، لأن الحوثي “لا يُهزم بالكم، بل بكسر حلقات القيادة”.  

السيناريو الثالث: انقلاب الأجنحة أو التمرّد القبلي

بينما يفترض السيناريو الثاني صدمة عسكرية خارجية، لا يستبعد الخبراء عامل الخطر الداخلي، إذ قد يبدأ انهيار الحوثيين من داخل المنظومة نفسها عبر تصدّع أجهزتها الأمنية أو تمرّد القبائل المتحالفة معها. 

منذ سيطرتها على صنعاء عام 2014، اعتمدت الجماعة نظاما شبكيا يجمع الولاءات القبلية والمصالح الاقتصادية تحت رقابة أمنية مشددة. وباتت تحكم، وفق تقرير لوزارة الخارجية الأميركية (2023) مناطق تضم نحو 70–80% من سكان اليمن، رغم أنها لا تسيطر إلا على قرابة ثلث المساحة الجغرافية. هذا النموذج وفّر لها تماسكا لسنوات، لكنه ولّد أيضا صراعات خفية بين المشرفين القادمين من صعدة وقادة الميدان المحليين. 

“الشراكات براغماتية وهي تحالفات غير متوازنة تحت تهديد السلاح،” يقول أندريا كاربوني.  

منذ 2017 ظهرت حوادث متكررة تكشف هذا التوتر: اشتباكات بين قيادات محلية ومشرفين وافدين في إب، صدامات بين فصائل قبلية من ريام وآل الجوف في البيضاء، ومواجهات حول عوائد الجباية في الحديدة لكنها بقيت محلية ومعزولة بفعل القبضة الأمنية وغياب مظلة سياسية قادرة على توحيد الساخطين. وعلى الأرض تحوّلت إب ذات الأغلبية الشافعية ويقطنها قرابة 4 ملايين نسمة إلى “بارومتر” لمناطق الحوثيين من حيث عدد حالات التمرد إذ سجلت قرابة 50 حالة تمرد منذ 2019 وحتى مارس الماضي، وفقا لمنظمة ACLED المعنية بجمع وتحليل بيانات النزاعات المسلحة حول العالم.  

“كبت مزدوج” تعيشه قبائل شمال الشمال، يقول الجبري، فهي ناقمة على الحوثي لكنها تخشى بطشه. رغم ذلك سُجلت حالات احتجاجات خجولة مثل رفض إرسال مقاتلين، أو على شكل اشتباكات محدودة مع دوريات التجنيد الإجباري. كما خلّفت حوادث قتل أو اعتقال مشايخ بارزين غصّة ثأر لدى عشائرهم؛ مثل مقتل الشيخ أحمد سالم السكني في 2019 بعد تمرّده، وما تلاه من غضب قُمع بسرعة. 

 كذلك فإن قتل الحوثيين للرئيس الأسبق علي عبدالله صالح عام 2017 وجّه رسالة قوية ضد أي تمرد داخلي. 

قد لا ترقى كل تلك الأحداث بعد إلى تمرّد منظّم، لكنها تُظهر هشاشة التوازن الداخلي، وقد تتحوّل إلى انفجار واسع إذا تزامنت مع غياب رأس الهرم أو ضربة عسكرية مؤلمة. 

ويحذر كاربوني من أن “الصراعات داخل النخبة أو التوترات القبلية يمكن أن تتسارع بفعل انهيار اقتصادي“.

السيناريو الرابع: الإنهاك الاقتصادي وتآكل الحاضنة الاجتماعية

على الأرض، يعيش اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميا، حيث يحتاج نحو 19.5 مليون إنسان إلى المساعدة في عام 2025، بزيادة تقارب 1.3 مليون عن العام السابق؛ ويُقدّر برنامج الغذاء العالمي أن 14.5 مليون لا يملكون ما يكفيهم من الغذاء، فيما يعاني 47% من الأطفال دون الخامسة سوء تغذية مزمن.

وفي مناطق سيطرة جماعة الحوثي، حيث يقطن نحو 70% من سكان اليمن، تبدو الأزمة أشدّ حدّة: رواتب القطاع العام مقطوعة منذ 2016، ولا يتقاضى أجورا حكومية سوى نحو 3% فقط.

وقد فاقم تعطيل تصدير النفط إلى خفّض إيرادات البلاد بنحو 43% في عام 2024، وفق ما نقل موقع وزارة الخارجية في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ما سرّع تدهور العملة ورفع التضخم وأضعف قدرة الحكومة الشرعية على دفع الرواتب والخدمات.

في مقابل هذا الانكماش، بنت الجماعة اقتصاد حرب موازٍ يموّل المجهود العسكري ويُثري دوائر نافذة: منظومات جباية تحت عناوين “الخُمس” و”الزكاة” ورسوم الوقود و”التنظيم”، أثقلت كاهل التجار والمزارعين، مع شهادات متطابقة عن استخدام المساعدات كورقة ضبط اجتماعي تفضل أسر المقاتلين والموالين وحجبها عمّن يرفض إرسال أبنائه للجبهات.

بدأت الشروخ تظهر في حاضنة جماعة الحوثي منذ 2023، إذ خرجت احتجاجات متفرقة للمعلمين والموظفين في صنعاء ومدن أخرى تطالب بالرواتب، فتعاملت معها الجماعة بالقمع؛ اعتُقل منظّمون وتعرّض صحفيون للضرب، ووُجّهت تهديدات صريحة لبرلمانيين انتقدوا الفساد، وبينهم النائب أحمد حاشد، وفق موقع القوات المشتركة في الساح الغربي. وتكشف هذه الوقائع تضاؤل هامش التسامح حتى مع البيت الداخلي، بما يُظهر هشاشة البنية في لحظة ضغط.

على مستوى التجنيد، واجهت الجماعة في 2022–2023 صعوبةً متزايدة في الحشد بجبهات مأرب وتعز، فلجأت إلى محاضر قضائية تُلزم مشايخ القرى بتوفير حصص محددة من المجنّدين تحت طائلة العقوبة.

صحيح أن الإنهاك الاقتصادي وحده لا يُسقط سلطةً تمسك بأدوات قسر فعّالة، لكنه يحوّلها إلى “نظام محاصر بأهله” كما يقول باصيمع.

لكن، ماذا لو صمدت الجماعة أمام كل السيناريوهات الأربعة؟ 

السيناريو الخامس: الانتقال المُدار: تفكيك تدريجي للذراع العسكري عبر تسوية

على النقيض من السيناريوهات السابقة، يبرز احتمال أن تنتهي الحرب عبر تسوية سياسية انتقالية تُستوعَب فيها الجماعة تدريجيا داخل مؤسسات الدولة، مقابل نزع منظم لسلاحها ودمج قواتها في الجيش اليمني. هذا السيناريو – رغم تعقيداته – يحظى بدعم إقليمي ودولي متزايد لأنه يتفادى فراغ السلطة والفوضى. 

بدأت إرهاصاته مع المفاوضات السعودية الحوثية في عُمان أواخر 2022، التي تلتها زيارات متبادلة بين صنعاء والرياض عام 2023 في إطار بلورة خارطة طريق للسلام. تقوم فكرة الانتقال القائم على اتفاق شامل على وقف دائم لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وصرف رواتب عبر آلية أممية من عائدات النفط، ثم الدخول في مرحلة تدريجية لنزع السلاح بإشراف إقليمي ودولي. 

ظاهريا، يبدو هذا المسار الأقل كلفة والأكثر قبولا لدى اليمنيين المنهكين من الحرب، لكن عقبة الثقة تظلّ مركزية. فالحوثيون، الذين يرون أنفسهم منتصرين ميدانيا، يعتبرون سلاحهم “ضمانة وجودية”. في المقابل، تصرّ الحكومة المعترف بها دوليا على أن أي اتفاق يجب أن يكون مشروطا بنزع السلاح الكامل وعودة مؤسسات الدولة. 

ومنحت التحولات الإقليمية بعد حرب غزة هذا المسار زخما جديدا؛ فالسعودية، الساعية لتهدئة الملفات الإقليمية منذ اتفاق بكين مع إيران عام 2023، باتت ترى في إنهاء الحرب خطوة ضرورية لتأمين حدودها. أما إيران، التي استنزفتها المواجهة في غزة، فتميل إلى تجميد جبهة اليمن لتفادي استعداء الرياض. 

 ومع ذلك، يؤكد العميد باصيمع أن الحوثيين لا يتعاملون مع الهدنة كخيار سلام نهائي، بل كاستعداد لمعركة أكبر يعتبرونها قريبة، إذ ضاعفوا من تجنيد المقاتلين وتطوير قدراتهم الصاروخية خلال فترة الهدوء وهو ما حذر منه الجبري بالقول إن “السلام مع الحوثيين قد يكون استراحة محارب”، ويضيف أن أي اتفاق لا يتضمن آليات رقابة دولية حقيقية لنزع السلاح سيمنح الجماعة “فرصة لالتقاط الأنفاس ثم إعادة إشعال الحرب من موقع أقوى”.