عبده الحاج سلسلة مقالات قصيرة حول بناء الدولة السودانية الحديثة على المفاهيم الصحيحة، وتحليل مسارها من الفشل إلى الوعي والوحدة. تهدف المقالات إلى تحريك بركة الوعي المفاهيمي، أو قُل بغرض الدعوة للثورة الثقافية، حيث يلتقي الفكر الثائر بالواقع، وهي دعوة للناشطين بصورة خاصة، وللشباب من الجنسين بصورة أخص. المقال الأول: من تسييس المؤسسات إلى دولة المؤسسات – البداية من المفهوم لا من المحاصصة في خضمّ الحرب السودانية الراهنة، وتعدّد المبادرات الإقليمية والدولية الساعية لإنهائها، تعود إلى السطح من جديد دعوات لإشراك المؤسسات المدنية والعسكرية في الحكم باعتباره شرطًا لتحقيق العدالة والمساواة وضمانًا للاستقرار. تبدو هذه الدعوات في ظاهرها منطقية، لكنها في جوهرها تعكس أحد أخطر المفاهيم المغلوطة في الفكر السياسي السوداني، وهو الخلط بين المؤسسة بوصفها كيانًا خدميًا يؤدي وظيفة محددة داخل الدولة، وبين السلطة بوصفها كيانًا حاكمًا مُفوضًا من الشعب ومساءلًا أمامه. هذا الخلط هو الذي قاد السودان عبر تاريخه إلى أزماتٍ متكررة، وحال دون قيام دولةٍ حقيقية تقوم على القانون والمؤسسات لا على توازنات القوة وتقاطعات المصالح. المؤسسة في معناها الحديث هي كيان قانوني مستقر أُنشئ لخدمة غرض محدد في منظومة الدولة، فالجيش للدفاع عن الوطن، والشرطة لحماية الأمن، والقضاء لتحقيق العدالة، والتعليم لبناء الإنسان، والخدمة المدنية لتسيير شؤون الناس. هذه المؤسسات ليست أطرافًا سياسية تتنافس على السلطة …
The post من تسييس المؤسسات إلى دولة المؤسسات appeared first on سودان تربيون.