تحركات لتسليم معابد في سوريا لليهود

Loading

رسميا باتت “مؤسسة التراث اليهودي في سوريا” أول منظمة يهودية تُسجَّل بشكل قانوني في البلاد، بهدف ترميم ما تبقى من تراث لليهود في سوريا، وربما الذهاب أبعد من ذلك عبر إعادة افتتاح معابد دمرت نتيجة الحرب وتنظيم زيارات دينية دورية في بلد تلاشى فيه وجود هذه الأقلية الدينية، التي كانت كبيرة في الماضي.

هذا الأسبوع، سجّل مجموعة من اليهود السوريين – الأميركيين المنظمة غير حكومية في سوريا، ومن بينهم هنري حمرا، أحد مؤسسي المبادرة الجديدة، الذي وُلد في سوريا لكنه غادر مع عائلته إلى نيويورك في تسعينيات القرن الماضي، وبقي خارج البلاد لأكثر من 30 عاما.

عاد حمرا إلى سوريا أربع مرات منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر 2024، ضمن وفود نظمتها “قوة الطوارئ السورية”، وهي مجموعة ضغط كانت معارضة للأسد وتسعى الآن لبناء علاقات أوثق بين واشنطن والحكومة السورية الجديدة.

وهنري هو ابن يوسف حمرا، الذي يُقال إنه آخر حاخام غادر سوريا وسط القيود التي فرضها نظام الأسد المخلوع في تلك الفترة على اليهود.

وفقا لمدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن فقد زار حمرا وحاخام آخر دمشق وحلب أيضا حيث جرى تجهيز كنيس موجود في حلب كان مغلقا لعشرات السنين تمهيدا لتسليمه لهم.

يضيف عبد الرحمن لـ”الحرة” أن “المعلومات المتوفرة تؤكد عدم وجود أي يهودي حاليا في حلب ولكن افتتاح المعبد سيمهد لتنظيم زيارات دينية سياحية للمكان”.

ويشير إلى أن “التحركات تجري حاليا في دمشق وحلب لتسليم معابد لليهود، ومن المتوقع أن تكون الخطوة المقبلة في القامشلي” حيث توجد معابد يهودية أيضا.

في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية السورية هند قبوات، الجمعة، إن “اليهود السوريين جزء لا يتجزأ من النسيج السوري”، مضيفة أن “بلدنا فسيفساء من مختلف الحضارات والأديان والطوائف والأمم”.

وأوضحت قبوات أن إنشاء “مؤسسة التراث اليهودي في سوريا” يمثل “خطوة نُظهر فيها للعالم أن سوريا تتسع للجميع، وأنها شاملة للجميع، وأن الجميع متساوون أمام القانون”. وأضافت: “نرحب بعودة اليهود السوريين إلى بلدهم”.

بعض المعابد التي زارها حمرا تعرضت لأضرار خلال الحرب الأهلية التي استمرت 14 عامًا، وتعرّضت قطعها الأثرية للنهب. وحتى المعابد التي بقيت سليمة نسبيًا، ومنها ما يقع في المدينة القديمة في دمشق قرب منزله القديم، عانت من سنوات طويلة من الإهمال.

قال حمرا في تصريحات لأسوشييتدبرس إن “هناك الكثير من الأضرار، والكثير مما يجب فعله”، مضيفًا: “نطلب من الحكومة أن تساعدنا وتمنحنا الصلاحيات لتنظيف كل شيء وإعادتها إلى وضعها الطبيعي”.

كان عدد أفراد الجالية اليهودية في سوريا يبلغ نحو 100 ألف في مطلع القرن العشرين. وبدأت موجة هجرة منذ ذلك الوقت وتسارعت مع قيام دولة إسرائيل في عام 1948، حيث واجه اليهود السوريون توترات متزايدة وقيودا على تحركاتهم.

خلال حكم عائلة الأسد الاستبدادي الذي استمر 54 عاما، كان يُسمح لليهود بممارسة شعائرهم الدينية، لكنهم كانوا معرضون للاتهام بالتجسس أو التعاون مع إسرائيل، كما كانوا محرومين من السفر خارج البلاد لمنعهم من الذهاب إلى إسرائيل.

وبعد رفع قيود السفر عام 1992 عقب بدء محادثات السلام العربية – الإسرائيلية، غادر معظم من تبقى من الجالية، وكان عددهم آنذاك نحو 4,500، بمن فيهم عائلة حمرا. ومع مغادرتهم، تدهورت حالة المعابد والمواقع اليهودية الأخرى في سوريا.

أشار حمرا إلى أن بعض أفراد الجالية اليهودية السورية في الشتات ما زالوا مترددين في العودة أو الزيارة بسبب مخاوف تتعلق بسلامة الأقليات الدينية تحت حكم السلطات الجديدة. فالرئيس المؤقت أحمد الشرع كان سابقا قائدا لفصيل إسلامي مسلح كانت له صلات بتنظيم القاعدة.

ومنذ توليه السلطة، تحدث الشرع عن التعايش الديني وتعهد بحماية الأقليات، لكن ذلك لم يمنع وقوع أعمال عنف طائفي ضد العلويين والدروز والمسيحيين. كما أن عدد الأقليات ضمن المناصب الحكومية العليا لا يزال قليلا، إذ تُعد قبوات المسيحية الوحيدة والمرأة الوحيدة في الحكومة الحالية.

وقال حمرا إنه وجد الحكومة الجديدة “متعاونة جدا” في الجهود الرامية إلى الحفاظ على التراث اليهودي، مضيفا: “أنهم يريدون عودة الجميع، ليس اليهود فقط، بل الجميع، للعودة والمساهمة في إعادة بناء سوريا”.