فرانس24: لماذا انتقل القتال بين الجيش والدعم السريع إلى منقطة كردفان؟

Loading

يتواصل القتال العنيف في منطقة كردفان الاستراتيجية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع التي شجعها تقدّمها في إقليم دارفور وسيطرتها الكاملة عليه. ويعد موقع منطقة كردفان الزراعية والغنية بالنفط والذهب الواقعة حيويا في وسط السودان.
إعداد: فرانس24

بعد سيطرتها على الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، حشدت قوات الدعم السريع وحداتها في منطقة كردفان والغنية بالنفط والذهب الواقعة في وسط السودان، وصعّدت هجماتها فيها مع الميليشيات المتحالفة معها.

ويرى المحللون أن تركيز قوات الدعم السريع على هذه المنطقة يرمي إلى كسر القوس الدفاعي الأخير للجيش حول وسط السودان، سعيا إلى استعادة العاصمة الخرطوم وسواها من المدن الكبرى.

وفي ظل تَناقُض تصريحات الأطراف المتحاربة، يتعذر التحقق بدقة من المعلومات الواردة من منطقة كردفان بسبب صعوبة الوصول إليها وانقطاع الاتصالات.

لكنّ مسؤولين محليين وعاملين في المجال الإنساني، إضافة إلى الأمم المتحدة، يشيرون إلى تكثيف القصف والضربات بالطائرات المسيّرة، ويتحدثون عن نزوح للسكان وخطر وقوع فظائع.

ما أهمية إقليم كردفان؟
يشكّل إقليم كردفان الشاسع المقسّم إلى ثلاث ولايات والمعروف بالزراعة وتربية الماشية، صلة وصل استراتيجية لحركة الوحدات العسكرية وعلى المستوى اللوجستي، إذ يقع بين المناطق التي يسيطر عليها الجيش في الشمال والشرق والوسط ومنطقة دارفور في الغرب والتي باتت قوات الدعم السريع تسيطر عليها.

ويشتهر كردفان اقتصاديا بإنتاج الصمغ العربي وبزراعة السمسم والذرة الرفيعة وحبوب أخرى، تُسهم، إلى جانب الماشية، في الثروة الزراعية للسودان.

وتضم المنطقة مناجم ذهب ومنشآت نفطية حيوية، تُشكّل مصادر دخل مهمة للمجهود الحربي.

وسيطرت قوات الدعم السريع الإثنين على حقل هجليج الذي يُعَدّ المنشأة الرئيسية لمعالجة صادرات جنوب السودان النفطية، وفقا لتأكيدات متقاطعة من قوات الدعم السريع، ومصدر في الجيش، ومهندس اتصلت به وكالة فرانس برس.

من يقاتل من؟
يمتلك الجيش الذي يقوده عبد الفتاح البرهان، والمدعوم ضمنا من مصر المجاورة، دبابات صينية وطائرات سوفياتية ومسيّرات تركية أو إيرانية الصنع، بحسب موقع “أفريكان سيكيورتي أناليسيس” المستقل في ستوكهولم.

أما قوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق وخصمه الحالي محمد حمدان دقلو، فانبثقت من ميليشيات الجنجويد العربية التي استعان بها الرئيس المخلوع عمر البشير لسحق تمرد لمجموعات عرقية غير عربية في دارفور. وتُتهم الإمارات العربية المتحدة بتزويدها أسلحة حديثة ووقودا ومدّها بالمرتزقة، وهو ما تنفيه الإمارات.

وتحالفت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. ومكّنها هذا التقارب من تعزيز عديدها ومواقعها في جبال النوبة وفي بعض مناطق ولاية النيل الأزرق الواقعة بالقرب من إثيوبيا، والتي تقع منذ مدة طويلة تحت سيطرة هذا الفصيل المتمرد.

جبهات المعارك
يتركز القتال على مدن الأبيض وكادوقلي والدلنج وبابنوسة التي يتمركز فيها الجيش بكثافة.

وتقع الأبيض، المحاصرة منذ أشهر، وهي عاصمة ولاية شمال كردفان، على طريق استراتيجية تربط دارفور بالخرطوم، وتضم مطارا استُخدم مدة طويلة لأغراض لوجستية عسكرية.

واستعاد الجيش أخيرا مدينة بارا، الواقعة على بُعد 60 كيلومترا شمالا على الطريق نفسها.

وأكدت قوات الدعم السريع الأسبوع الفائت أنها “حررت” بابنوسة، في ولاية غرب كردفان، لكنّ الجيش نفى ذلك.

وفي جنوب كردفان، يحرم الحصار المطول لكادوقلي والدلنج آلاف المدنيين من الغذاء والدواء.

وإلى الجنوب، تتعرض جبال النوبة لضغط متزايد حول كاودا، معقل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، إذ يسعى الجيش إلى إضعاف هذا الفصيل المتحالف مع قوات الدعم السريع.

المدنيون يدفعون الثمن
أكدت الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم حال المجاعة في كادوقلي، وصنفت الدلنج على أنها معرضة لخطر المجاعة. ومنذ عام 2024، أُعلِنَت أجزاء من جبال النوبة مُعرّضة للمجاعة.

ويدفع المدنيون العالقون وسط المعارك ثمنا باهظا.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية الاثنين أنّ 114 شخصا بينهم 63 طفلا، قُتلوا الخميس بضربات مسيّرات نُسبت إلى قوات الدعم السريع على روضة أطفال ومستشفى في كلوقي، على بُعد نحو 70 كيلومترا شرقي كادوقلي.

والأربعاء، قُتِل ستة أشخاص على الأقل في ناما بولاية غرب كردفان جرّاء هجوم بطائرة مُسيّرة نُسب إلى الجيش.

وفي 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، أسفر هجوم بطائرة مُسيّرة أطلقها الجيش على كاودا عن مقتل 45 شخصا، بينهم طلاب، في جنوب كردفان.

وفي 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، أدى هجوم بطائرة مُسيّرة نُسب إلى قوات الدعم السريع عن مقتل 45 شخصا في جنازة بمدينة الأبيض، وفقًا للأمم المتحدة.

وأشارت المنظمة الدولية إلى أن أكثر من 45 ألف شخص نزحوا من كردفان منذ نهاية تشرين الأول/أكتوبر المنصرم.

فرانس24/ أ ف ب

The post فرانس24: لماذا انتقل القتال بين الجيش والدعم السريع إلى منقطة كردفان؟ appeared first on سودانايل.