بنين: نيجيريا تسيطر على الأجواء البنينية وترسل جيشها إلى (كوتونو) بدعم فرنسي مباشر لاحباط محاولة انقلابية

بنين: نيجيريا تسيطر على الأجواء البنينية وترسل جيشها إلى (كوتونو) بدعم فرنسي مباشر لاحباط محاولة انقلابية

Loading

بنين: نيجيريا تسيطر على الأجواء البنينية وترسل جيشها إلى (كوتونو) بدعم فرنسي مباشر لاحباط محاولة انقلابية

كوتونو (بنين) – السوداني
أعلنت مصادر عسكرية رفيعة المستوى في بنين أن سلاح الجو النيجيري فرض سيطرة كاملة على الأجواء البنينية منذ مساء أمس الأحد، وذلك لإحباط محاولة انقلابية وُصفت بالخطيرة؛ استهدفت الإطاحة بالرئيس باتريس تالون.

وقالت المصادر إن التدخل الجوي النيجيري جاء تنفيذاً لتوجيهات مباشرة من الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو، وذلك بعد طلب عاجل وجهه الرئيس تالون شخصياً إلى أبوجا وباريس معاً فور اكتشاف التحركات الانقلابية.

ولعبت فرنسا دوراً حاسماً من خلال توفير معلومات استخباراتية فورية ساهمت في تحديد مواقع قادة المحاولة الانقلابية، عبر تنسيق لوجستي سريع من قاعدة القوات الفرنسية في المنطقة. كما وفرت فرنسا ممرات جوية آمنة للطائرات النيجيرية فوق الأراضي البنينية.

وأفادت المصادر بأن طائرات (سوبر توكانو) النيجيرية نفذت طلعات هجومية مكثفة فوق العاصمة كوتونو ومدينة بورتو نوفو، فيما حلّقت مروحيات هجومية من طراز T-129 ATAK على ارتفاع منخفض لردع أي تحركات برية للمتمردين، مع تدخل بري للجيش النيجيري في بنين.

وألقت قوات الأمن البنينية، بدعم من وحدات خاصة نيجيرية وصلت براً، القبض على 28 ضابطاً وعسكرياً متورطين، بينهم ثلاثة عقداء كبار في الحرس الرئاسي، كما تمت مصادرة أسلحة وذخائر كانت مخبأة في ثلاثة مواقع سرية.

يُذكر أن هذه أول مرة منذ عقود تتدخل فيها نيجيريا عسكرياً بشكل مباشر لحماية نظام جار، في مؤشر على تغير سريع في موازين القوى الإقليمية بعد سلسلة الانقلابات التي شهدتها دول الساحل، حيث استولت الجيوش في السنوات الأخيرة على السلطة في النيجر وبوركينا فاسو، جارتي بنين، وكذلك في مالي وغينيا، وفي الشهر الماضي في غينيا بيساو. لكنها كانت تطوراً غير متوقع في بنين، حيث وقع آخر انقلاب ناجح عام 1972.

وأدانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والاتحاد الأفريقي محاولة الانقلاب.
وقالت مجموعة (إيكواس) إنها أمرت بالنشر الفوري لعناصر من قوتها الاحتياطية في بنين، بما في ذلك قوات من نيجيريا وسيراليون وساحل العاج وغانا.

دستور جديد مثير للجدل قبل أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية

تأتي المحاولة الانقلابية وسط توتر سياسي متصاعد قبل أربعة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل 2026، والتي من المتوقع أن تُنهي الولاية الثانية والأخيرة للرئيس الحالي باتريس تالون وفقاً للدستور السابق.
كما يأتي الانقلاب بعد اعتماد برلمان بنين، في نوفمبر الماضي، دستوراً جديداً أثار انتقادات حادة من المعارضة والمنظمات الحقوقية. الدستور الجديد ينشئ مجلس شيوخ لأول مرة، ويمدد الولاية الرئاسية من خمس إلى سبع سنوات، ويسمح بإمكانية الترشح لولايتين فقط (أي 14 سنة كحد أقصى). المعارضة وصفت التعديلات بأنها استيلاء دستوري على السلطة يهدف إلى إطالة بقاء الائتلاف الحاكم.

في السياق نفسه، رشح الائتلاف الحاكم رسمياً وزير المالية الحالي روموالد واداغني مرشحاً له في الانتخابات المقبلة، فيما رفضت المحكمة الدستورية ترشيح رجل الأعمال ريسيتال كومي، ممثل حزب الديمقراطيين المعارض الذي أسسه الرئيس السابق توماس بوني يايي (2006-2016)، بدعوى عدم استيفائه شرط الحصول على تزكية 10% من أعضاء البرلمان والعمد.

من جهتها، رأت نينا ويلين، مديرة برنامج إفريقيا في معهد إيغمونت البلجيكي للعلاقات الدولية، أن التدهور الأمني المتسارع في شمال البلاد ربما يكون العامل الأبرز وراء تحرك بعض العسكريين.

وقالت ويلين: “بنين هي الدولة الأكثر تضرراً بين دول غرب إفريقيا الساحلية من تقدم الجماعات الجهادية في وسط الساحل. الهجمات الكبرى في يناير وأبريل 2025 التي قُتل فيها العشرات من الجنود أظهرت مدى الضغط على الجيش”.
وأضافت: “مع ذلك، فإن وقوع محاولة انقلاب يبقى مفاجئاً. بنين لم تشهد أي انقلاب ناجح أو فاشل منذ أكثر من خمسين عاماً، وهذا إنجاز نادر في منطقة غرب إفريقيا”.

وتشهد بنين منذ 2016، مع وصول الرئيس تالون إلى السلطة، تراجعاً ملحوظاً في مساحة الحريات السياسية والإعلامية واستقلال القضاء، وفقاً لتقارير منظمات حقوقية دولية، بينما يدافع مؤيدو الرئيس عن إصلاحاته الاقتصادية ومكافحة الفساد.

وتبقى الأنظار معلقة على كيفية تأثير هذه التطورات المتلاحقة على سير العملية الانتخابية المقبلة، وما إذا كانت بنين ستحافظ على سمعتها كواحدة من الديمقراطيات الأكثر استقراراً في غرب إفريقيا، أم أنها ستنضم إلى قائمة الدول التي شهدت انقلابات في السنوات الأخيرة.