![]()


أعظم الفرص التي تلوح بين ركام الإبادة والتطهير العرقي المظلم، ودخان الاستبداد الأعمى الذي تمارسه ميليشيا الدعم السريع في الفاشر وكردفان، هو النزوع الدولي لهدنة إنسانية عاجلة، يتم خلالها وقف النار، وإيصال المساعدات، والسعي لإنقاذ أرواح آلاف يعذبهم الدعم السريع في معسكرات الموت في الفاشر ومناطق عدة من دارفور وكردفان.
الهدنة الإنسانية هي الترياق الدبلوماسي الأنجع، لكنها تتطلب حكمة وصبراً من الحكومة. فالحشد والاستعداد لبناء القوة وترسيخها لن يتوقفا، لكن الهدنة تعني ضرورة رفع حصار بابنوسة والدلنج، وفتح طرق الإمداد للمناطق المحاصرة سراً لمعارضتها للدعم السريع. كما ستستدعي الهدنة دخول الفرق الدولية الإغاثية والحقوقية، وعودة السكان إلى أماكنهم آمنين.
أغلب هذه المطالب والمستحقات الواجبة النفاذ لن يحتمل الدعم السريع سريانها، وهي تولد في الوقت نفسه دفع المجتمع الدولي لتغيير الواقع الإنساني المرير. ومن اليوم الأول أتوقع بدء صدام الميليشيا المنبتة مع المجتمع الدولي.
الهدنة في جوهرها تعني صدام العالم بأسره مع الدعم السفاح الغريب، المخدوع بوهم أنه سيكون له في السودان موطئ قدم. كل هذه العملية تستدعي تحركاً حكيماً، حصيفاً ومؤسسياً لقيادة بلدنا، وبصبر وسلاسة. عدم انتهاز هذه الفرصة الغالية سيخسر معه بلادنا وشعبنا الكثير.
ليس كل ما يُسيس يؤسس للخير، ولحظتنا الحالية وُلدت من دماء الآلاف من جنودنا الأبرار وأهلنا الأحرار، وربما نستطيع حفظ دماء غزيرة أخرى بجهد نافذ، صبور ورفيع المقام، دون استكبار على الواقع أو تضييع الفرص العظيمة التي يسخرها العزيز الحكيم.

* أحمد القرشي إدريس