ضعف الإدراك الذي يعاني منه الكثيرون

Loading

بقلم: محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com

بسم الله الرحمن الرحيم
القدرة علي الإدراك هي حاسة إضافية مثل السمع والبصر يستطيع من خلالها الشخص رؤية وفهم الأشياء بشكل مختلف استناداً علي القدرة العقلية والتجارب التي مرت به في الحياة فجميع الاشخاص يشاهدون ويسمعون نفس الاشياء لكن تتفاوت وتختلف قدرتهم في تحليل وفهم ما يسمعون ويشاهدون، وتكمن اهمية التحليل لما نري ونسمع في مساعدتنا على اتخاذ القرار المستقبلي السليم.
ومن خلال التحليل هذا تستطيع رؤية اشياء لا تراها او تسمعها الحواس المعروفة فعلي سبيل المثال المستقبل امر غيبي بيد الله لا توجد حاسة تستطيع بها رؤية ومعرفة ماسيحدث في المستقبل سواء لك اولغيرك لكن من خلال تحليل الواقع وربطه بالمعرفة يمكنك توقع ما سيحدث في المستقبل.
مثلا الطفل الصغير لا يدرك أهمية التعليم في مستقبله لهذا لا توجد رغبة لكثير من الاطفال للتعلم إلا بالإكراه الذي تمارسه الأسرة ولكن هناك ايضاً من الاطفال من لديه القدرة علي إدراك اهمية التعليم ويجتهد ويتعلم بنفسه حتى وان تعثرت ظروفه أو حاول الكبار منعه من ذلك تجده يتمسك ويكافح للتعلم.
كذلك الشخص الأعمى لايرى ماحوله سواء في الخارج أو في الغرفة لكنه من خلال التحسس قليلا بيديه والإستماع للاصوات وحتي الأنفاس يستطيع معرفة ماحوله من أشخاص وربما عددهم وماحوله من مخاطر مثل النار عن طريق الحرارة وكذلك الكهرباء عن طريق ادواتها او صوت اجهزتها. و غيرها من الامثلة ثم يقوم بالابتعاد عن مايشكل خطر علي حياته ويستطيع الأعمى من خلال القدرة على الإدراك التحرك داخل الغرفة دون أن يصطدم بالاثاثات في الغرفة فهو يكون صورة بداخل عقله للغرفة ويتحرك فيها بالرغم من انه لايبصر.
بينما الشخص الذي يعاني من ضعف الإدراك حتي وإن كان مبصراً تجده يصطدم بما حوله من أثاثات في الغرفة ويلقي اللوم علي الآخرين الذين وضعوا الاثاثات ويصف فعلهم بانه مؤامرة موجهة ضده وكانه يريد منهم أن يسيروا امامه ليزيحوا ماحوله من اثاثات ويفتحوا له الطريق حتي يسير هو بلا مبالاة ودون النظر امامه ودون تفكير. وإن لم يفعلوا له ذلك ولم يضعوا الاثاثات كما يحب ان يتحرك هو فيصفهم بانهم متآمرون عليه.
واكثر ما يغيب الإدراك ويضعفه هو خوف الأشخاص من التفكير فيما حولهم ويلتزمون بالرأي الجماعي أو مايعرف (بالإمتثال للإجتماعي) دون فهم وهذا من أكثر الأسباب التي تعطل الإدراك.
كذلك الخوف من التفكير في المستقبل والإعتقاد بان التفكير في المستقبل خطأ كبير وقال لي بعضهم ان التفكير في المستقبل والعمل للمستقبل كفر وان الله امرنا بالتوكل فقط ولا نفكر.. وهذا طبعاً ضلال كبير وإعتقاد خاطئي فالله تبارك وتعالى إبتدر عدة آيات كريمة في كتابه الكريم بعبارات مثل (خذوا حذركم.. ) و (اعدوا لهم..) و (وقل اعملوا.. ) و (واحذر ان يفتنوك.. ) وامتدح الأشخاص الذين يتفكرون فيما حولهم من مخلوقات.
وفي الحديث الشريف (سددوا وقاربوا) وبعد ان يسدد الشخص ويقارب بعد ذلك يتوكل علي الله.

ولكن الكثيرين لا يهتمون بالتفكير في المستقبل الذي سيقبلون عليه ويشغلون انفسهم فقط بالتفكير في الماضي والنظر تحت اقدامهم ويشغلون انفسهم بما اصابهم من ضرر ولا يستفيدون من تجاربهم وتصحيح مسارهم بل يلصقون اخطاءهم بغيرهم ويقومون بلعن من حولهم ويلصقون بهم الاخطاء والتقصير بدلاَ من لوم انفسهم وتصحيح مسارهم وبدلاً من التفكير في المستقبل لتجنب الكوارث وحتي حسنوا إختيار الاتجاهات بشمل صحيح.
تجد الفاشلون دائما يشغلون انفسهم بالتفكير في الماضي ولعن الماضي ولوم الآخرين حتي يجدوا انفسهم قد سقطوا في بئر جديدة اكثر ضرراً ويتواصل المسلسل هكذا.
هذا هو خلاصة ضعف الإدراك الذي يعاني منه الكثيرون.

The post ضعف الإدراك الذي يعاني منه الكثيرون appeared first on سودانايل.