السودان يتجه نحو روسيا لتطوير قطاعي النفط والطاقة الكهرومائية

Loading

في إطار الجهود السودانية لتعزيز شراكاتها الدولية في القطاع الحيوي، عُقد لقاء رفيع المستوى بين المهندس المعتصم إبراهيم وزير الطاقة والنفط السوداني ونظيره الروسي سيرجي تسيلوف، بحضور نائب الوزير الروسي وعدد من معاونيه.

 

وقد مثل هذا اللقاء منعطفاً هاماً في تعزيز التعاون الثنائي، حيث قدم المهندس المعتصم إبراهيم في مستهل اللقاء؛ شكره للحكومة الروسية على الدعوة والدعم الروسي المتواصل للسودان خلال فترة الحرب، مؤكداً عمق ومتانة العلاقات بين البلدين.

 

من جانبه، أشاد الوزير الروسي بمستوى العلاقات المتطورة بين البلدين، مبدياً استعدادهم للمضي قدماً في تعزيزها ودفعها إلى آفاق أرحب. وتناول اللقاء سبل التعاون في مجالي الطاقة والنفط، خاصة في ظل تأثر القطاع بشكل كبير بالحرب.

 

وقد أبدى الجانب الروسي استعداده للعمل مع السودان في مجال الطاقة الكهرومائية، كما ناقش الطرفان التعاون في قطاع النفط وصيانة المصافي وتبادل الخبرات، حيث أمن الجانبان على أهمية وضع الخطوات العملية للتنفيذ خلال الفترة القادمة، وتم توجيه الوفدين الفنيين لمتابعة ذلك.

 

وفي سياق متصل، كشف وزير الطاقة والنفط السوداني المعتصم إبراهيم عن سعي بلاده لتطوير التعاون مع روسيا في مجالات الطاقة. وأوضح الوزير في جلسة حوار خلال مشاركته في فعاليات “أسبوع الطاقة الروسي” المنعقد في العاصمة موسكو إن “السودان لا يزال يعمل على التعافي من آثار النزاع، لكنه يواصل إنتاج النفط ويسعى لزيادة معدلات الإنتاج باستثمارات من دول مثل روسيا”، معربا عن أمله في “الحصول على دعم تقني روسي لتطوير قطاع الطاقة الكهرومائية في البلاد”.

 

وتطرق المسؤول السوداني إلى موضوع العقوبات، مؤكدا أن “الإجراءات الأحادية التي تفرضها دول ثالثة لا ينبغي أن تؤثر على حق الدول في استيراد الطاقة من روسيا”.

 

وأضاف: “إذا احتجنا إلى الطاقة من روسيا، فلن أفكر في أي صراع أو عقوبات أحادية الجانب. أود الحصول على هذه الطاقة دون قيود قد لا أوافق عليها. أي أنه إذا كانت هناك خلافات بين الدول، وخاصة بين القوى العظمى، فلا ينبغي أن يؤثر ذلك بالضرورة على بلدنا”.

 

وبحسب المحلل السياسي حسين العلي، فإن هذا اللقاء يتجاوز كونه مجرد اجتماع روتيني لتعزيز التعاون الاقتصادي، ليُشكِّل رسالة سياسية بالغة الأهمية في سياق التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية. فالسودان، الذي يبحث عن موطئ قدم بعد عاصفة الحرب، يسعى إلى إعادة رسم خريطة تحالفاته بعيداً عن منطق التبعية التقليدي، متجهاً صوب قوى دولية تمتلك التقنية والرغبة في الاستثمار بمنأى عن الضغوط الغربية.

 

وأكمل العلي، إن التركيز على قطاعي النفط والطاقة الكهرومائية ليس مجرد سعي لتعويض الفاقد الإنتاجي، بل هو محاولة لبناء ركيزة أمن قومي طاقوي، تجعل السودان شريكاً وليس سوقاً مستهلكاً فقط. كما أن التصريح الواضح للسودان بعدم الاكتراث بالعقوبات الأحادية هو إعلان عملي لسياسة خارجية جديدة، تقوم على أولوية المصلحة الوطنية وتوازن العلاقات في عالم متعدد الأقطاب.

 

وأضاف، إنها إستراتيجية ذكية للخروج من دائرة الاختيارات الضيقة، حيث تتحول الأزمات إلى فرص للانفتاح على بدائل استثمارية وسياسية تمنح الخرطوم هامشاً أكبر للمناورة. هذا التعاون مع موسكو، الذي يتضمن نقل الخبرات وتحديث البنى التحتية، قد يمهد لتحول السودان إلى محور إقليمي للطاقة، خاصة مع إمكانياته الهائلة في الطاقة الكهرومائية التي لم تستغل بعد. لكن نجاح هذه الإستراتيجية مرهون بقدرة الدبلوماسية السودانية على إدارة هذا التقارب بشكل متوازن، يحقق المصالح دون الدخول في صراعات محورية، وبقدرة الحكومة على ترجمة هذه الاتفاقيات إلى مشاريع ملموسة على الأرض تُسهم في استقرار الاقتصاد وتحسين حياة المواطن السوداني، الذي ينتظر بترقب أن تثمر هذه الشراكة عن تنمية حقيقية تضع البلاد على طريق التعافي والازدهار بعد سنوات من المعاناة.