المواطن مابين مواجهة الجوع أو حمل السلاح والنهب والفساد

Loading

بقلم : محمد يوسف محمد
بسم الله الرحمن الرحيم

بسبب الدمار الهائل الذي حدث للبنى التحتية والأسواق والمصانع فإن كثيراً من السودانيين قد أصبحوا بلا عمل فمن كان يعمل بالمرتب في مصنع أو شركة وتوقفت فقد مصدر دخله ومن كان يعمل في الأسواق فقد مصدر دخله بسبب النهب الذي طال رؤس الأموال التجارية وأوقف العمل التجاري و بسبب ضعف خدمات الكهرباء والمياه والأمن توقفت كثير من المهن التي تعتمد على الكهرباء والمياه أو التي لا يمكن مزاولتها إلا في ظل توفر الأمن وكل هذه الأعداد الكبيرة التي فقدت مصادر دخلها وإنضمت لركب الفقراء ولا يجدون ما يشترون به طعامهم سيؤثرون في حركة الأسواق وضعف القوى الشرائية بشكل عام وبالتالي سيتأثر عدد كبير آخر من التجار بسبب الركود وسينضمون هم أيضاً الى ركب الفقراء، وهذا العدد من الفقراء المتزايد يومياً سيتحول عدد مقدر منهم لممارسة أنشطة غير قانونية مثل ترويج المخدرات أو النهب والتهريب والسرقة والنشل وحتي حمل السلاح تحت المسميات المختلفة وكما يقال في الأمثال (الجوع كافر).

وفي جانب آخر هناك من يمارس النهب والسرقة الناعمة داخل دواوين الحكومة عبر الفساد واللجان والصفقات المشبوهة والصرف المالي الغير مرشد في ظل غياب الشفافية والمحاسبة في الوزارات وإنشغال الجميع بصوت المعركة وتحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة سليزم الكثيرين الصمت عن التصدي للفساد وسيرفع لصوص آخرون جريؤون يد تهتف ويد أخرى يدخلونها في جيب المواطن تنهب من المال العام وفي هذه الأجواء من التخوين والإتهامات السياسية المتبادلة (بالفلفلة والدعمجة) هنا وهناك وعدم الإستقرار في الوزارات والتغييرات اليومية في كل مرافق الدولة ويتم إعفاء هذا وتعيين هذا دون مبررات وأسباب معروفة للإعفاء ودون مراعاة للضوابط الإدارية والتدرج الوظيفي عند تعيين البديل ووصل الأمر الى أن أحدهم قد تم تعيينه في منصب مشهور ثم تم إعفاءه بعد شهور قليلة ثم تمت إعادته للمنصب بعد شهور وتم إعفاءه مرة ثانية!! حدث كل هذا في فترة لم تتجاوز عامين!! ولو دققت النظر ستجد الكثير من هذه الحالات.

في ظل هذا الظرف فإن كل الأجهزة الرقابية والمحاسبية ستلتزم الصمت ولن يتجرأ أحد ويتخذ إجراء محاسبي تجاه أي مخالفة حتي لو تم بيع مسجد كما إنتشر مؤخراَ في الوسائط خشية أن يصبح هو المجرم!!هذه الظروف الغريبة لايمكن التعامل معها بالقبضة الأمنية العنيفة ومزيداً من التضييق على المواطن ولكن لابد من توفير سبل كسب العيش الكريم للفقراء والعاطلين عن العمل وبدلاَ من الصفقات المشبوهة مع رجال الأعمال الأجانب لنهب الموارد القابلة للنضوب يجب الإتجاه لصفقات إنشاء المشروعات الزراعية والصناعية التي تستثمر الموارد الطبيعية المهملة وتوفر فرص العمل لآلاف الشباب حتى يتم إنقاذهم من العمل الغير قانوني.

الآن هناك الكثيرون سيتجهون لحمل السلاح تحت مسميات مختلفة كوسيلة لكسب العيش عبر فوهة البندقية ولحماية انفسهم من الملاحقة القانونية عند مخالفتهم القانون وظاهرة الأجسام المسلحة هذه لن تؤثر في الإنفلات الأمني فقط ولكن ستقود لمزيداً من الحروب والدمار عندما تتصخم هذه الأجسام وتخرج عن السيطرة، وليس من المنطقي أن تطلب من شخص يحمل السلاح أن يضعه دون أن توفر له البديل الذي يوفر له معيشة كريمة، لهذا يجب توفير فرص العمل كما سبق وأن ذكرنا عبر الصفقات التي تنشيء المصانع والمشاريع الزراعية التي تستثمر الثروات الطبيعية المتجددة وتوظف آلاف الأيدى العاملة وليس الصفقات التي تنهب الثروات الغير متجددة.

Email mohamedyousif1@yahoo.com

The post المواطن مابين مواجهة الجوع أو حمل السلاح والنهب والفساد appeared first on سودانايل.