خفايا فاتورة الحرب وفاتورة السلام وإنعدام الرؤية المستقبلية والتخطيط هو الذي أوصلنا لهذا الحال

خفايا فاتورة الحرب وفاتورة السلام وإنعدام الرؤية المستقبلية والتخطيط هو الذي أوصلنا لهذا الحال

Loading

بقلم: محمد يوسف محمد

بسم الله الرحمن الرحيم

كما ان للحرب فاتورة مفتوحة الأفق يسددها الشعب حالياَ رغماً عنه في كل نواحي الحياة، فإن للسلام متى ما أتى فاتورة يجب أن نتوقعها ولا نتجاهلها، وذلك حتي لا نتفاجأ بكل شيء في هذه الحياة، فحتى رمضان وحتى العيد يفاجأنا بالرغم من أنها أيام معروفة ومحسوبة ولا تأتي فجاة ولكن لأننا لا نحب الحسابات والنظرة للأمام لهذا نغمض أعيننا ونعتقد أن هذا العمى المفتعل هو الحل الأمثل حتي لا نرى الواقع الذي لا نريد رؤيته، ولكن الحقيقة أننا لن نراه فقط ولكن سنعيشه مرغمين ولو لم نغمض أعيينا ورأيناه لأعدادنا له ولكن غياب النظرة للامام يمنعنا من رؤية المخاطر والعقبات وبالتالي نحرم أنفسنا من فرصة الإستعداد لها وتجنب مضارها وشرورها.ولو كنا نحسن الرؤية للأمام لتوقعنا هذه الحرب ولتجنبنا وقوعها، ولو كنا نحسن الروية للأمام أيضاً لسعينا لإخمادها قبل أن ترتفع فاتورتها المتزايدة يومياً، وهنا أريد أن أشير الى الخبر المتداول عن فرض الحكومة الأمريكية قيود على حركة الوفد السوداني الذي سافر لحضور إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وما سبق ذلك من عقوبات فرضتها على السودان كدولة وعلى شخصيات سودانية في الشهور الماضية وهذا جزء من فواتير الحرب التي لم يكن يتوقعها السودانيون!! وعودة هذه العقوبات على السودان مرة أخرى بعد فترة وجيزة سيتسبب في تشكيل صورة سيئة غير حقيقية للسودان في نظر حكومات وشعوب العالم وتصور غير صحيح للإنسان السوداني بانه مرتكب للمخالفات ومتمرد على القوانين الدولية وتربط إسم السودان كدولة بعدم الإستقرار وتنفر منه المستثمرين والإتفاقيات الثنائية وتربطه بالإرهاب مرة أخرى بعد إزالته جزئياً وسترسخ في أذهان العالم أننا مدمنين لهذا السلوك ولن تتغير هذه الوصمة وستظل نقطة سوداء في وجه كل سوداني لعقود طويلة حتى وإن تم رفع هذه العقوبات مستقبلاًً وسيتجنب الكثيرين التعامل مع السودان كدولة وكأشخاص وسيكون المواطن السوداني غير مرحب به ومشكوك في سلوكه في كثير من دول العالم بسبب هذه الوصمة لعقود طويلة.هذه النقطة المتمثلة في عودة العقوبات ذكرتها هنا كجزء يسير من فاتورة الحرب دفعناه دون أن نتوقعه ودون حتي علم بهذه التبعات الخطيرة وهذا مثال بسيط لواحدة من فواتير الحرب الغير متوقعه.ومن أكبر فواتير الحرب هو تبخر الحلم بالحرية والديمقراطية وإقامة إنتخابات وإختيار الشعب من يحكمه وسيستمر هذا الوضع لعقود مع إستمرار الحرب وكذلك في حالة السلام.وكذلك للسلام فواتير يجب أن نتوقعها متى ما حل فالسلام الذي كان خياراً في أول الحرب لن يكون خياراً مع مرور الوقت ولكن سيفرض على السودانيين فرضاً!! وسيفرضه المجتمع الدولي وستفرضه الظروف القاسية التي تمر بها البلاد.وعند التفكير في السلام فإن من أهم فواتير السلام التي يجب أن نستحضرها هو دخول شركاء جدد في السلطة بشقيهم، الشق السياسي المتمثل في الأحزاب السياسية المتحالفة مع الدعم السريع والشق العسكري المتمثل في القيادات العسكرية للدعم السريع بكل مستوياتها وكل هؤلاء سيشاركون في حكم السودان عبر فرض رؤيتهم وشروطهم في طريقة الحكم والقوانين المختلفة وحتى في الإجراءات الإدارية الحكومية الصغيرة في الخدمة المدنية وتوزيع الخدمات ومراكز القوى، وسيتواجدون في المدن وما يترتب على ذلك من ممارسات مخلة بالأمن والنظام سيدفع ثمنها المواطن دون أن يجد من يحميه أو ينصفه من هذه الأجسام التي ستكون محصنة من القانون بإتفاق السلام.كل ما ذكرناه في الأعلى هو واقع سنمصى نحوه ونعيشه في مقبل الأيام أو السنوات متى ما قررت الحكومة الجلوس للسلام، وهذا طبعاً لا يعني أن نرفض السلام و نستمر في الحرب دون نهاية ففاتورة السلام ترتفع كل يوم ولكننا كعادتنا لا نفكر في هذا لاننا لا نحب النظر للأمام مطلقاً، والكثيرون يعتقدون أن النظر للأمام هو التشاؤم بعينه ويعتقدون أن على الإنسان أن يتفاءل حتى في الحرب التي تنشر الأمراض وتذهق الأرواح وتدمر الإقتصاد وتدمر البلاد ويقنع نفسه أن الحرب ستحيي الموتى وتشفي المرضى وتنمى الإقتصاد وتطور البلاد وليس العكس.الرؤية العكسية هذه للأمور والتمني على الله الأماني هي ما يجعلنا نعيش في كوارث متلاحقة وسوء تخطيط وعجز عن الإستفادة من ثروات هذه الأرض الغنية!! فمن أين يأتي التخطيط السليم في ظل إنعدام الرؤية المستقبلية الجادة ونظام رزق اليوم باليوم ونتفاجأ حتى بالخريف و بالفيضان والأمراض المصاحبة؟ وكيف يتم تجنب الكوارث إذا كنا نعتبر أن توقع حدوث الكوارث نوع من التشاؤم يجب عدم التفكير فيه؟ إنها نظرة تغييب الوعي الغير عقلانية التي ظللنا نعيشها ونتمسك بها لعقود طويلة لهذا ظلت تلازمنا الكوارث ويغيب التخطيط للمستقبل.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *