بقلم: محمد يوسف محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
إنقلب الكيزان على حليفهم عمر البشير الذي سلمهم السلطة بعد الإنقلاب الذي قام به في عام 1989 وكانوا يعتقدون أنهم مسيطرون على الإنقلاب الذي قاموا به علي البشير في عام 2019 ولكن بعد الإنقلاب فلتت الأمور من أيديهم وتم إستبعاد مهندس الإنقلاب وتم إستبعاد وزير الدفاع والقادة الكبار من المجلس العسكري وتم إستبعاد الكيزان تدرجياً من المجلس العسكري رمن مراكز القرار وحل ادواتهم مثل الدفاع الشعبي وهيئة العمليات وسلم سلاحها ومقراتها وممتلكاتها للدعم السريع وآلت الامور الى البرهان وحميدتي نائباً له والذين تحالفوا مع خصوم الكيزان السياسيين وسلموهم السلطة ونكلوا بالكيزان عبر لجنة التمكين بمصادرة ممتلكلتهم وفصلهم من العمل والذج بقادتهم في السجون حتي توفي في السجون عدد منهم مثل شقيق البشير والشريف بدر ورئيس الحركة الاسلامية وغيرهم.. أعلن الكيزان في البداية تاييدهم لحكومة تحالف العسكر والقحاطة وقالوا انهم معارضة مساندة علي لسان غندور الذي تولى رئاسة المؤتنر الوطني بعد الإنقلاب وتفاءلوا خاصة وأن حكومة تحالف العسكر والقحاطة تراسها حمدوك الذي لمعه الكيزان وعينوه رئيس للوزراء في آخر عهد الإنقاذ لكن حمدوك اعتذر ورفض العمل معهم وتم تكليف معتز موسى برئاسة الوزراء بديل لحمدوك.. ولكن الكيزان بعد ذلك ادركوا خطورة حكومة تحالف العسكر مع القحاطة لهذا تحركوا لإسقاطها وبالفعل تم فض الشراكة بين العسكر والقحاطة تلاها بعد عام واحد نشوب الحرب والتي كان ابرز نا يميزها الجهوية والطمع في السلطة من قبل قادة الدعم.هذه الحرب وصفها البرهان بالحرب العبثية ولكن هناك آخرين عدلوا الإسم الى حرب الكرامة.. والحقيقة التي يجهلها ويتجاهلها الكثيرين والتي سبق وأن كررناها أن النجاح في الحياة لا ياتي بالتجارب التي تخسر فيها الكثير ولكن ياتي بالحصافة و بعد النظر وتوقع النتائج وحماية نفسك من المخاطر فهذه الحياة تسير في إتجاه واحد ولا يرجع الزمن للوراء مطلقاً لتستعيد ما فقدته فهناك أشياء لا تعود لهذا يجب الحذر في كل تحرك وفي كل قرار قبل المضي فيه فالدخول في اي تحالف او إتخاذ أي قرار خاطئي سيكون له تبعات كارثية ولن يمكن التراجع عنه وإعادة الزمن للوراء مطلقاً حتى وإن دفعنا الثمن نتائج كارثية مثل نتائج هذه الحرب التي لم يظهر من نتائجها حتى الآن إلا القليل مثل قمة جبل الجليد وهناك آثار كبيرة لهذه الحرب يجهلها الكثيرون ويعتقدون أن هذه الحرب مجرد نزهة ولكن الحقيقة أن كل ساعة فقط تمضي على هذه الحرب ثمنها آلاف من ارواح السودانيين وثمنها ترليونات الجنيهات يدفع ثمنها كل سوداني من ماله ويتراجع فيها الجنيه السوداني والإقتصاد السوداني بنسب مئوية في كل ساعة وتتراجع فيها خدمات الصحة والتعليم وكل الخدمات وحتى التاريخ السوداني والحضارة السودانية تتراجع ويفقد السودان مكانته بين الدول وتشوه صورة الإنسان السوداني في نظر شعوب العالم ومع كل ساعة يتمزق النسيج الإجتماعي في السودان ويتمدد خطاب الكراهية الجغرافي والقبلي والعنصري والذي سيقود لمزيد من الحروب والمذابح.الكثيرون يجهلون هذه الحقائق ويعتقدون أن هذه الحرب عندما تنتهي سيعود السودان كما كان..!! والحقيقة الماثلة امام الأعين أن السودان بصدد التقسيم ربما لعدة دويلات، وحتى إذا تم توقيع إتفاق سلام لمنع التقسيم فإن السودان لن يعود كما كان فهذه الحرب افرزت هندسة إجتماعية أعادت تشكيل المجتمعات والإقتصاد وأعادت توزيع الثروات وإعادت توزيع مراكز القوة والنفوذ القبلي.. كل شيء تغير في السودان وسيستمر التغيير مع إستمرار الحرب التي لايعرف أحد متى وكيف ستنتهى إلا الله وحده.. ولكن الكثيرين يجهلون هذه التغييرات ولا يشعرون بها الآن ولكن مع مرور الوقت سيتفاجأ الكثيرين بهذه التغييرات التي لم تخطر بعقولهم ولو خطر بعقلهم جزء يسير منها لشابت رؤسهم وسارعوا لإيقاف هذه الحرب من الشرارة الأولى.. فهل خطر ببال سكان الخرطرم انهم سيغادرون منازلهم عندما إشتعلت الحرب؟ وهل خطر ببالهم عندما غادروا منازلهم أنهم سيجدونها خاوية على عروشها بهذا الشكل عندما يعودون؟ وهل خطر ببال سكان الجزيرة أن الحرب ستصل ولايتهم؟اسئلة كثيرة يمكن طرحها تكشف قصر نظر الإنسان العادي لمسار هذه الحرب ونتائجها المتوقعة لايمكن أن يدركوها حتى يعيشوها مع مرور الوقت لاجئين مشردين وقد نهبت منازلهم وأموالهم وممتلكاتهم الموروثة التي لاتقدر بثمن حتى الصور التذكارية.. وفقدوا بعض أفراد اسرهم بالفقد أو القتل أو المرض.خلاصة القول أن السودان لن يكون كما كان بعد الحرب وعلى أحسن الفروض إن لم تمضي الامور للتقسيم ومزيد من الحروب فهناك تغييرات كبيرة سيتفاجأ بها الناس ولا ننسى أننا حتى بعد مضي شهور عاجزين عن إستعادة أبسط خدمات الكهرباء والمياه والأمن لما كانت عليه قبل الحرب فكيف ببقية نواحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية وموازين القوى التي لا تقبل الإستعادة؟هذا الحديث لا يروق للكثيرين ويعتقدون انه تشاؤم وهم يحبون التفاؤل بغير عمل له والحقيقة أن الله سبحانه وتعالي والذي بيده مقاليد السموات والارض خاطب المسلمين المجاهدين في سبيله بآيات عديدة تبدأ بعبارات مثل (خذوا حذركم.. ) و (وأعدوا.. ) و(وقل إعملوا.. ) ولو كان التفاؤل يكفي لامرهم بالتفاؤل فقط ولكن التفاؤل يكون بعد الحذر والعمل والإعداد ثم التوكل على الله بعد ان ننجز ما علينا.. ولكن التفاؤل بغير عمل هو فعل من غرهم بالله الغرور.